حياتكم المعاشية ، مما تعرف فيه مقادير الأشياء بالوزن وشبهه ، ليأخذ كل واحد حقّه كاملا غير منقوص ، (وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) بأن تنقصوا الناس أشياءهم ، ولا تسلّموهم حقوقهم كاملة كما أراد الله ، فالحق في المعاملات أساس يريد الله للناس أن يقيموا حياتهم عليه ، تماما كما هو الحق في الأفكار والمواقف ، الأمر الذي يجعل العدل طابع الحياة ، ويحقق للناس السلام في كل المواقع من الناحية الواقعية.
* * *
(وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ ...)
(وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ) وأعدّها لهم في قوانينها المتنوعة التي تجمع لهم كل ما يحتاجونه لاستمرار حياتهم من طعام وشراب ووسائل راحة في ما يأكلونه أو يشربونه أو يلبسونه أو يرتاحون فيه وينعمون به ، وفي ما يتحركون به من أوضاع تقرّبهم إلى الله وتدخلهم في ساحة رحمته ورضوانه.
(فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ* وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ). هذه هي بعض نعم الله التي أنعم بها على عباده ليبلغوا ما يريد لهم بلوغه في الدنيا ، وهي دليل على التدبير الإلهي للكون في كل أوضاعه في ما توحي به من الحق الذي يبدأ منه وينتهي إليه ، ليرتبط الناس به من خلال ذلك ، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) يا معشر الجنّ والإنس ، في ما يفرض نفسه عليكم من نداء الحقيقة ، ونداء الإيمان.
* * *