يعبّر عن طريقتها في التفكير والتحرك ؛ فللمؤمنين طريقتهم التي تعبّر عن وضوح الفكرة التوحيدية واستقامة الطريق في هذا الخط ، وللكافرين طريقتهم الوثنية التي تعبر عن المستوى المتخلف في عبادتهم للأصنام ، وللمنافقين طريقتهم المتلوّنة المتحركة القلقة الخائفة المذعورة التي لا تستقر على موقف ولا تثبت على قاعدة ، (وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ) في كل مواقعها وخلفياتها ، في سرّها وعلانيتها ، فلا يخفى عليه شيء منها من قريب أو من بعيد.
* * *
بين البلاء واختبار المؤمنين
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ) لأن الإيمان يفرض على المؤمن الكثير من المسؤوليات لتحدّي الأعداء في المواقف الجهادية ، ويدفعه إلى مواجهة الكثير من الأخطار في ساحات الصراع التي تختلف فيها الأوضاع ، وتتباين فيها المواقف ، ويشتد فيها البلاء ، مما يظهر فيها جهاد المجاهدين ، وصبر الصابرين ، في ما يتميزون به عن المنهزمين والخائفين والجازعين ، وبذلك يختبر الله أخبارهم بما تفصح عنه من طبيعة الأعمال والمواقف والأوضاع التي يتضح الإيمان الثابت بها ويمتاز عن الإيمان المهتز.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) بالتآمر والضغط وممارسة التعسف ضد المؤمنين (وَشَاقُّوا الرَّسُولَ) بإعلان الحرب عليه ، والابتعاد عن دينه ، ومخالفتهم له في العقيدة والشريعة ، والاستهزاء به ، والسخرية من أتباعه (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى) بإقامة الحجة عليهم في كل مفرداته الفكرية والعملية (لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً) لأنهم لا يستطيعون الوقوف أمام إرادة الله ، التي تقضي بنصرة رسوله وإقامة دينه ، مهما فعلوا من أفاعيل ، ومهما مارسوا عليه من ضغوط ، أو تحركوا به من مشاريع ، لأن الله بالغ أمره في كل شيء ، (وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ) فتنتهي إلى الخيبة والسقوط ، فلا يبقى لهم أيّة قوّة أو سلطة.
* * *