تنتسب إليهما الحسنة والسيّئة. (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) أي حاضر مستعدّ لتلقِّي كل أمر.
(وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ) لتنقلك إلى عالم آخر ، يختلف عن العالم الذي أنت فيه ، فتفارق كل مواقع شغلك ، وكل ملاعب لهوك وفرحك ، (ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) فتهرب من ذكره ، وتبتعد عن مواقعه وإيحاءاته ، وتعمل على الهاء نفسك عنه بأيّ شيء ، مما يجلب الغفلة إلى وعيك وشعورك ، لأنك كنت مشدودا إلى الدنيا بكل غرائزك وشهواتك وعلاقاتك ، وبكل ما ألفته من أوضاع وأشياء وأعمال ... وها أنت تواجه الحق في القضاء الإلهي ، فتنشغل به في ما يشبه السكرة عن كل من حولك من الناس ، وما حولك من الأمور.
* * *
يوم الوعيد
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ). وتعبير النفخ هنا وارد على سبيل الحقيقة ، باعتبار أنه يحصل فعلا بوسائل لا نملك أمر معرفتها بالتحديد ، أو أنه وارد على سبيل الكناية باعتبار أنه صوت يوقظ النائمين بدويّه ، ليوحي بما يوقظ الموتى بقوّته ، وهو علامة على دخول عالم الخلود ، (ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ) الذي توعّد الله به عباده من الكافرين والمجرمين.
(وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ) تماما كما يأتي أي مجرم يقوده شخص ما إلى ساحة المحكمة ليواجه الحكم العادل ، وهناك شاهد يشهد له أو عليه في ما اكتسبه من أعمال تجاه الله ، ويمكن أن يكون التعبير بذلك واردا مورد الإيحاء بعدالة المحاكمة التي يتلقاها الإنسان يوم القيامة من خلال تصوير الطابع الذي تأخذه.
(لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا) باستغراقك في لهو الدنيا وعبثها وشهواتها ولذائذها ، وكانت هناك أكثر من غشاوة على بصرك القلبي ، فلم ينفتح قلبك