(وَدُسُرٍ) : جمع دسار ، وهو المسمار.
* * *
مع نوح وقومه في خط الذكرى
هذه جولة قرآنية في تاريخ الأمم السابقة ، التي كذبت رسلها فنالت عذابها من الله جزاء على ذلك.
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا) نوحا في ما جاءهم به من رسالة الله الداعية إلى توحيده وإلى الاستقامة على خط التقوى ، فتمردوا عليه ، وواجهوه بمختلف الأساليب المتعسفة اللّامعقولة ، (وَقالُوا مَجْنُونٌ) فاتهموه في عقله ، لأنه دعاهم إلى ما لم يألفوه ، أو أنكر عليهم ما ألفوه من عبادة الأصنام ، ليبطلوا تأثيره في النفوس ، وهذا ما يفعله المترفون في كل زمان ومكان عند ما تواجههم الدعوات التغييرية والإصلاحية ، لاختصار الرد بذلك ، باعتبار أن المعقول لديهم هو ما يلتزمونه ويتبنونه ، (وَازْدُجِرَ) أي ازدجره القوم وردعوه عن الانطلاق في رسالته ، فلم يتمكن من الوصول إلى النتيجة الحاسمة. وقيل : إن الكلمة من تتمة التهمة بالجنون ، أي أنه ازدجر من قبل الجن فلا يتكلم إلا عن زجر منهم بشكل غير إرادي (١).
(فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ) بعد أن استنفد كل تجاربه في دعوتهم إلى رسالته ، فلم يزدادوا إلا عنادا وإصرارا على الكفر ، إلى درجة أن شيئا لم يبق لديه ليقوله ، وبالتالي أصبحت تجربة الحديث معهم مجددا تجربة عبثية ، لذا نادى ربه بأني مغلوب ، في ما أملكه من قدرات استنفدتها في حياتي معهم ، وفي ما واجهوني به من قهر وغلبة وتعسف وإنذار ، (فَانْتَصِرْ) لي فإنك ناصر من لا ناصر له ، لا سيّما إذا كان المغلوب المستضعف من رسلك.
* * *
__________________
(١) انظر : تفسير الميزان ، ج : ١٩ ، ص : ٧٠.