التوازن بين أفراد المجتمع ، وإرجاع القضايا إلى نصابها الطبيعي ، وإعطاء كل شخص ما يستحقه ، لأن ذلك هو ما يجعل الناس خاضعين لأوامر الله ونواهيه ، وهو ما يمنحهم محبته ورضوانه ويقربهم إليه.
* * *
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) فقد جعل الله الإيمان من أسس الأخوّة ، تدخل في إطاره الحقوق التي فرضها للأخ على أخيه ، فإن الإيمان لحمة كلحمة النسب ، وقد كثرت الأحاديث التي تؤكد على أن «المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله ، لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيخلفه» (١) ، وأن «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يغشه ولا يخذله ولا يغتابه ولا يخونه ولا يحرمه» (٢).
والمراد بالمؤمن في كل موارد القرآن ، المسلم الذي عاش الإيمان عقيدة في قلبه والتزم بالإسلام في حياته ، مما يجعل الوحدة بين المسلمين تترسخ عبر الأخوة الإسلامية الإيمانية التي جعلها الله قاعدة للعلاقة فيما بينهم.
وإذا كان المؤمنون إخوة ، فإن النداء الإلهي يتوجه إليهم جميعا ليصلحوا (فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) باعتبار أن الإصلاح من حقوق المؤمنين على بعضهم البعض ، ومسئوليتهم في الحياة الاجتماعية الإسلامية ، التي يعتبر الجميع معنيين بتوازنها وتماسكها واستقامتها في خط الصلاح والإصلاح والوحدة ، (وَاتَّقُوا اللهَ) في كل أموركم وعلى مستوى العلاقات كي لا تختلفوا بالباطل ، وفي خلافاتكم لتحلّوها على قاعدة التقوى المرتكزة على شريعة الله في ما جعله الله من الحقوق في الحياة العامة والخاصة للناس ، (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) لأن الله جعل
__________________
(١) الكليني ، أبو جعفر ، محمد بن يعقوب ، الكافي ، دار الكتب الإسلامية ، طهران ، ج : ٢ ، ص : ١٦٦ ، رواية : ٣.
(٢) (م. ن) ، ج : ٢ ، ص : ١٦٧ ، رواية : ٩.