عبر السحاب ، ولكن المسألة ليست كذلك (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ* تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها) فقد استعجلتم العذاب ظنّا منكم أنه لن يجيء ، وها هو أمامكم ، فكيف تواجهونه؟ وكيف تثبتون أمام التحدي؟ (فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ) فقد هلك كل شيء فيها من الناس والدوابّ والأموال ، (كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) الذين يحركهم في الحياة منطق الجريمة في مواجهة الرسالة ، بالاستسلام لرخاء الحياة من حولهم ، وللأمن في المستقبل في حركتهم ، تماما كما لو كانوا يملكون القوّة المطلقة في كل شيء.
* * *
عبرة لكفّار مكة
والعبرة من هذه القصة موجهة إلى كفار مكة الذين كانوا يقفون ضد الرسول والرسالة ، انطلاقا من القوّة المالية والاجتماعية التي يستعملونها في تأكيد سيطرتهم. (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ) وأعطيناهم من القوّة البدنية (فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) أي ما لم نمكّنكم فيه ، فليست لكم القوة التي كانت لديهم ، (وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً) يهتدون بها إلى حقائق الأشياء ، ولكنهم عطّلوا أسماعهم ، بصمّ آذانهم عن نداء الحق ، وجمّدوا أبصارهم ، بغضّها عن رؤية آيات الله في الكون وفي أنفسهم ، وأغلقوا أفئدتهم عن الحق ، وابتعدوا بعقولهم عن التفكير في دعوة الرسل لهم إلى عبادة الله الواحد ، (فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ) وكان وجود هذه الحواس كعدمها ، لأنهم لم يستعملوها في اكتشاف عظمة الله للوصول إلى الإيمان بوحدانيته ، (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) من عذاب الله في الدنيا ، في ما استعجلوه منه.
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى) التي أنذرناها ودعوناها إلى التوحيد (وَصَرَّفْنَا الْآياتِ) وحرَّكناها في أساليب مختلفة ، في ما يفتح عقولهم على