رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) أي تعملون على أن يكون التكذيب هو الخير الذي تتمثلونه في حياتكم في مواقفكم التي تقفونها ضد الرسول والرسالة ، ليكون ذلك هو خطكم الذي تعتبرونه خيرا تلتزمونه في حياتكم كموقف طبيعيّ.
* * *
(فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ)
(فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) كيف تواجهون هذا الموقف ، وماذا أنتم فاعلون عند ما تصلّى الروح إلى الحلقوم في حشرجات الصدور ، وفي انقباض الملامح ، وفي حالة اليأس التي تتمثل في الفزع الذي يطلّ من عيونكم؟ (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) إلى هذا المحتضر وهو يسلم الروح ، (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ) إنه الحضور الإلهي الذي يسيطر على الكيان كله ، ويحيط بالإنسان من بين يديه ومن خلفه ، ويأخذ عليه كل حياته ، فتنسلّ الروح من جسده بشكل خفيّ ، بقدرة الله التي لا يستطيع الجميع الوقوف أمامها بالرغم من كل محاولاتهم ، ولا ينتبهون إليها ولا يعرفون وقتها ، إنه العجز الإنساني الذي يقف موقف التسليم المطلق أمام الله.
(فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) فلو كان الأمر كما تقولون في نفي الحساب والجزاء ، أو في الغفلة عن قدرة الله عليكم وربوبيته لكم ، (تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في ما قد تتحسّسون في موقفكم المتمرّد على الله الذي توحون به إلى أنفسكم بالقدرة المطلقة انطلاقا من الغفلة المطبقة على عقولكم ، فحاولوا إرجاع الروح إلى الجسد عند ما تبلغ الحلقوم ، ولكنكم لا تملكون شيئا من ذلك لأنفسكم ولغيركم ، لأنكم خاضعون لله في وجودكم وفي نهايتكم.
(فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ) فإذا خرجت الروح من البدن ، ووقف هذا الإنسان أمام الله في موقف الحساب الأخير ، فإن كان من الذين عاشوا القرب لله في حياتهم في ما اعتقدوه أو عملوا به ، فسيكون جزاؤه في مواقع القرب من