في أجواء السورة
هذه السورة من سور الدعوة التي تطل على مجتمعها الوثني الذي وقف بوجهها معلناً تعجّبه من مجيء النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنبوّة ، وهو جزء من هذا المجتمع الذي لا يرى نفسه جديرا بأن يكون أحد أفراده رسولا لله ، كما أنه يثير استغرابهم من مقولة المعاد التي يرونها شيئا غير معقول ، لرفضهم إعادة الحياة بعد الموت ، ولكنهم يغفلون في ذلك عن قدرة الله التي لا تقف عند حدّ ، أفلا ينظرون إلى السماء من فوقهم وإلى الأرض من تحتهم وإلى إحياء الأرض الميتة بالمطر النازل من السماء؟ فكيف يستغربون عودة الحياة إلى الإنسان الميت بقدرة الله؟
وهكذا ينطلق الحديث عن بداية خلق الإنسان من موقع القدرة ، وعن إحاطة الله بكل وسوسات نفسه ، فهو أقرب إليه من حبل الوريد ، وهناك ملكان يحيطان به من اليمين والشمال ، ويحصيان عليه كل أقواله وأفعاله ، وسيقف غدا في يوم الحساب لتأتي كل نفس ومعها سائق وشهيد ، وسيرتفع عنه غطاء الغفلة الذي كان يغطي روحه وقلبه ، فلا يدع الوعي ينفذ إليهما لينفتح على آفاق المسؤولية في اليوم الآخر.
ويقف الجميع أمام المصير المحتوم ، فيلقى في جهنم كل كفّار عنيد مناع