قلنا : وأيّ معنى لقوله عليهالسلام : «في السائمة الغنم الزكاة» ، والمعلوفة مثلها.
فإن قيل : لا يمتنع أن يكون المصلحة في أن يعلم ثبوت الزكاة في السائمة بهذا النصّ ، ويعلم ثبوتها في المعلوفة بدليل آخر.
قلنا : كذلك لا يمتنع فيما علّق بغاية حرفا بحرف.
والصحيح أنّ تعليق الحكم بالصفة لا يدلّ على أنّ ما عداه بخلافه على كلّ حال ، بخلاف قول من يقول : إنّه يدلّ على ذلك إذا كان بيانا ، وإنّما قلنا ذلك ؛ لأنّ ما وضع له القول لا يختلف بأن يكون مبتدءا أو بيانا ، وإذا لم يدلّ تعليق الحكم بالصفة على نفي ما عداه ؛ فإنّما لم يدلّ على ذلك ، لشيء يرجع إلى اللّفظ ، فهو في كلّ موضع كذلك.
والجواب عن الثاني : أنّ ما طريقه العلم لا يرجع فيه إلى أخبار الآحاد ، لا سيّما إذا كانت ضعيفة ، وهذا الخبر يتضمّن أنّه عليهالسلام يستغفر للكفّار ، وذلك لا يجوز ، وأكثر ما فيه أنّه عليهالسلام عقل أنّ ما فوق السبعين بخلاف السبعين ، فمن أين أنّه فهم ذلك ظاهر الخبر من غير دليل سواه؟!.
ولقائل أن يقول : أن الاستغفار لهم كان في الأصل مباحا ، فلمّا ورد النصّ بحظر السبعين ، بقي ما زاد عليه على الأصل.
وقد روي في هذا الخبر أنه عليهالسلام قال : «لو علمت أنّي إن زدت على السبعين يغفر الله لهم ، لفعلت» ، وعلى هذه الرواية لا شبهة في الخبر.
والنبيّ عليهالسلام أفصح وأفطن لأغراض العرب ، من أين يجوز عليه مثل ذلك؟! لأنّ معنى الآية النهي عن الاستغفار للكفّار ، فإنّك لو أكثرت في الاستغفار للكفّار ، ما غفر الله لهم ، فعبّر عن الإكثار بالسبعين ، ولا فرق بينها وبين ما زاد عليها ، كما تقول العرب : «لو جئتني سبعين مرّة ما جئتك» ولا فرق بين الأعداد المختلفة في هذا الغرض ، فكأنّه يقول : «لو جئتني كثيرا أو قليلا ما جئتك» وأيّ عدد تضمّنه لفظه ، فهو كغيره ...
والجواب عن الثالث : أنّ آية التيمّم وآية الكفّارات بيّن فيهما حكم الأصل