وقد قيل أيضا : «إنّه عليهالسلام فرّى أوداج ابنه ، لكنّه كلّما فرّى جزءا ، عاد في الحال ملتحما» (١) فقد فعل ما أمر به من الذبح ، وإن لم تبطل الحياة.
والجواب عمّا تعلّقوا به ثالثا : أنّ خبر المعراج خبر واحد ، وبمثله لا يثبت الخلاف في هذه المسألة. وفيه مع ذلك من الشبه والأباطيل ما يدلّ على فساده ؛ لاقتضائه نسخ الفعل قبل أن يعلم المكلّف أنّه مأمور به وتضمّنه أنّ المصالح الدينيّة تتعلّق بمشورة الخلق وإيثارهم.
والجواب عمّا تعلّقوا به رابعا : أنّ النسخ إذا كان لما لم يفعل فمن أين أنّه لما لم يفعل وقد تناوله الأمر ، دون أن يكون لما لم يفعل ممّا قد تقدم فعل نظائره ، أو الأمر بها ، فكأنّه قيل له : «لا تفعل نظير ما كنت أمرت به من الصلاة الموقّتة»؟!.
والجواب عمّا تعلّقوا به خامسا : أنّا قد بيّنّا فيما تقدّم أنّ الله تعالى لا يأمر بالفعل من يعلم أنّه يخترم دونه.
والجواب عمّا تعلّقوا به سادسا : أنّ السيّد إنّما حسن منه ذلك مع عبده لجواز البداء عليه ، وذلك لا يجوز على الله تعالى.
والجواب عمّا تعلّقوا به سابعا : أنّ الطهارة لم تجب على الواحد منّا لأجل وجوب الصّلاة عليه ، وكيف يكون كذلك ، وهو لا يعلم قبل مضيّ وقت الصلاة وجوبها عليه؟! وإنّما تجب الطّهارة لظنّ وجوب الصلاة عليه ، وهو يظنّ وجوبها عليه ، وإن جوّز المنع.
والجواب عمّا تعلّقوا به ثامنا : أنّ هذا الخبر إنّما يصحّ التعلّق به في جواز النسخ قبل إيقاع الفعل ، لا قبل وقته ، وغير ممتنع أن يباح له عليهالسلام من قتلهم وسلبهم ما لم يفعله ، ومثل ذلك لا شبهة فيه.
__________________
(١) راجع مجمع البيان ، ٨ : ٣٢٣.