شرعا متقدّما ، والآخر متجدّدا ، أو أن يكون أحدهما يتضمّن ردّا على الأوّل ، أو شرطا في الأوّل ، إلى غير ذلك من الوجوه الدالّة على التقدّم والتأخّر.
وقد ذكر من تكلّم في أصول الفقه بأنّ التأريخ أيضا يعلم بقول الصحابيّ ، وأن يحكى أن أحد الحكمين كان بعد الآخر ، قالوا : لأنّ التأريخ نقل وحكاية لا مدخل للاجتهاد فيه ، فيجب أن يقبل قول الصحابيّ فيه.
وهذا الوجه مبنيّ على وجوب العمل بخبر الواحد في الشريعة ، وفرع من فروعه ، فإذا بطل وجوب العمل بخبر الواحد ، بطل هذا الفرع ، وإن صحّ فهو صحيح.
ومنهم من فرّق بين قول الصحابيّ : إنّ كذا نسخ كذا ، وبين نقله التّاريخ ، فقبل قوله في التصريح بالتاريخ ، ولم يقبله في قوله : نسخ ذلك.
ومنهم من قبل قوله في الأمرين.
والأولى على تسليم قبول أخبار الآحاد أن لا يرجع إلى قوله في أنّ كذا نسخ كذا ؛ لأنّ ذلك قول صريح في ذكر مذهبه ، وإنّما يثبت التاريخ تبعا للمذهب ، وإذا ؛ ظلم يجز عند الكلّ الرجوع في المذاهب إلى قوله ، حتّى تثبت صحّتها ، فكذلك في هذا الباب. ونقل التاريخ مخالف لذلك ؛ لأنّه لا يتضمّن ذكر مذهب يصحّ فيه طريقة الاجتهاد ، وكما لو قال في الشيء : إنّه محرّم ؛ لا يعمل عليه ، ولو قال : زمان تحريمه الزّمان الفلانيّ ؛ لعمل عليه ، فكذلك القول فيما تقدّم ذكره (١).
__________________
(١) الذريعة ١ : ٤٦٠ إلى ٤٧٥.