الإخبار عن معجزات النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الخارجة عن القرآن ، وما ترويه الإماميّة من النصّ الصريح على أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام.
فأمّا القسم الأوّل : فذهب قوم إلى أنّ العلم الواقع عنده ضروريّ من فعل الله تعالى بالعادة ، وهو مذهب أبي عليّ وأبي هاشم ومن تبعهما من المتكلّمين والفقهاء. وذهب قوم آخرون إلى أنّ العلم بذلك مكتسب ليس بضروريّ ، وهو مذهب أبي القاسم البلخيّ ومن وافقه.
والّذي نصرته ـ وهو الأقوى في نفسي ـ في كتاب الذّخيرة (١) والكتاب الشافي (٢) التوقّف عن القطع على صفة هذا العلم بأنّه ضروريّ أو مكتسب ، وتجويز كونه على كلّ واحد من الوجهين.
وإنّما قوى ذلك في نفوسنا ؛ لأنّ العالم بهذه الأخبار يمكن أن يكون قد تقدّم له العلم على الجملة بصفة الجماعة الّتي قضت العادة بأنّه لا يجوز أن يتّفق منها الكذب ، ولا أن تتواطأ عليه. وجائز أن يكون قد عرف ذلك وتصوّره ، فلمّا أخبره عن البلدان والأمصار من وجده على تلك الصفة الممهّدة في نفسه ، فعل اعتقادا بصدق هذه الأخبار ، وكان ذلك الاعتقاد علما ، لمطابقته للجملة المتقدّمة الممهّدة في نفسه ، ويكون هذا العلم كسبا له ـ لا محالة ـ غير ضروريّ.
وليس لأحد أن يقول : انّ إدخال التفصيل في الجملة إنّما يكون فيما له أصل ضروريّ على سبيل الجملة ، كمن علم أنّ من شأن الظّلم أن يكون قبيحا على سبيل الجملة ، فإذا علم في ضرر بعينه أنّه ظلم فعل اعتقادا لقبحه ، وكان علما ؛ لمطابقته الجملة المتقرّرة ، وأنتم جعلتم الجملة مكتسبة ، والتّفصيل كذلك.
وذلك أنّه لا فرق بين أن تكون الجملة المتقرّرة معلومة ضرورة أو اكتسابا في جواز بناء التفصيل عليها ؛ لأنّ من علم منّا باكتساب أنّ من صحّ منه الفعل
__________________
(١) الذخيرة : ٣٤٥.
(٢) الشافي في الإمامة ، ٢ : ٦٨.