ويمكن الإشارة إلى تسلم آل فرات مقام الوزارة في الدولة العباسيّة في فترات عديدة ما يجعلها عاملا مستقلّا وذلك لاهميّة جهودها في هذا المضمار. خصوصا وأن هذه العائلة كانت قد سعت بشكل حثيث في تقوية وتأييد ودعم التشيّع وبذلت بسخاء للعلماء والمفكّرين ودعمتهم أفضل دعم.
ولعلّ العامل المهم الآخر لتحوّل بغداد إلى محلّ مهيء لنموّ الثقافة والعلم عند المجتمع الشيعي البغدادي هو الحضور الممتد لنوّاب الإمام المهدي عجّ الله فرجه الشريف الأربعة في بغداد.
فقد لعبت إقامة النوّاب الأربعة في هذه المدينة دورا يمكن تحديده بما يلي : أوّلا ساهم في نموّ التشيّع وزيادة عدد الشيعة في بغداد والكرخ. ثانيا : ساهم ارتباط الإمام بالأمّة في تطوّر الجانب العلمي لدى الشيعة. ثالثا : إنّ المركزية الّتي حدثت من خلال إقامتهم خلال عشرات السنين ساهمت في جذب وانتقال الكثير من علماء الشيعة العظام إلى بغداد ومن سائر المناطق. وقد ساهم هذا العامل بحدّ ذاته في تكامل الثقافة والمعارف الشيعيّة في هذه المدينة. ويلاحظ هذا الأمر من خلال ما ورد من حضور عليّ بن محمّد بن همام الإسكافي مجلس وصيّة محمّد بن عثمان العمري مع مجموعة مثلت كبار علماء الشيعة حيث حضروا عنده وهو مسجّى على فراشه. وقد ورد في أبي علي محمّد ابن همام الإسكافي انه «شيخ أصحابنا ومتقدّمهم له منزلة عظيمة كثير الحديث» (١) أو أبو سهل إسماعيل بن عليّ النوبختي والّذي ورد فيه : «شيخ المتكلّمين من أصحابنا ببغداد» (٢) (٣).
فحضور الكليني (٤) وعليّ بن بابويه (٥) ...
__________________
(١) رجال النجاشي : ٣٧٩.
(٢) الفهرست : ٤٩.
(٣) كتاب الغيبة (للطوسي) : ٣٧١.
(٤) في رجال النجاشي : ٣٧٧ : «ومات أبو جعفر رحمهالله ببغداد. سنة تسع وعشرين وثلاثمائة».
(٥) في رجال النجاشي : ٢٦١. «كان قدم العراق واجتمع مع أبي القاسم الحسين بن روح رحمهالله» ولا ـ