أجمعوا على ذلك ، ونحو عمله في دية الجنين على خبر حمل بن مالك ، ونحو عمل أبي بكر في ميراث الجدّة على قول الواحد والاثنين ، ونحو ما روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام من قوله : «كنت إذا سمعت من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حديثا نفعني الله ما شاء أن ينفعني به ، وإذا حدّثني عنه غيره استحلفته ، فإذا حلف لي صدّقته ، وحدّثني أبو بكر ، وصدق أبو بكر» (١) ، ورجع في حكم المذي إلى خبر المقداد ، قالوا ووجدناهم بين عامل بهذه الأخبار ، وبين تارك للنكير عليه ، ولو كان ذلك خطأ ، لكان قد أجمعوا على الخطأ ، وهذا غير جائز عليهم.
وسادسها : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يبعث عمّاله ورسله إلى البلاد للدعاء إلى شريعته ، وإنّما كانوا يعملون على مجرّد أقوالهم في كونهم رسلا ، وفي العمل بما يروونه.
وسابعها : حمل قبول خبر الواحد مع تجويز الغلط عليه على قبول قول المفتي مع تجويز ذلك عليه. وربما حملوا ذلك على الشهادات وأخبار المعاملات.
وثامنها : أنّ الضرورة تقود إلى قبول أخبار الآحاد إذا حدثت الحادثة وليس فيها حكم منصوص.
وتاسعها : طريقة وجوب التحرّز من المضارّ ، كما يجب التحرّز من سلوك الطريق إذا أخبر مخبر بأنّ فيه سبعا وما أشبهه.
فيقال لهم فيما تعلّقوا به أوّلا : إذا سلّمنا أن اسم الطائفة يقع على الواحد والاثنين فلا دلالة لكم في الآية ؛ لأنّه تعالى سمّاهم منذرين ، والمنذر هو المخوّف المحذّر الّذي ينبّه على النظر والتأمّل ، ولا يجب تقليده ولا القبول منه بغير حجّة ، ولهذا قال تعالى : (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) ومعنى ذلك ليحذروا ، ولو أراد ما ادعوا لقال تعالى : «لعلّهم يعملون أو يقبلون» والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن سمّيناه منذرا ، وكان قبول قوله واجبا ، فمن حيث كان في ابتداء دعوته يكون مخوّفا ، ثمّ إذا استقرّ دليل نبوّته ؛ وجب العمل بقوله.
__________________
(١) مسند أحمد ، ١٠ : ١.