يكون عملوا بها ولأجلها ، كما يحتمل أن يكونوا ذكروا عند ورودها سماعهم من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لذلك ، ويحتمل أيضا أن يكون الخبر نبّههم على طريقة من الاجتهاد تقتضي إثبات ذلك الحكم ، فكان العمل على الاجتهاد ، لا بالخبر ، وإنّما كان للخبر حظّ التذكير والإيقاظ.
فإن قالوا : هذا يقتضي العدول عن المعلوم إلى المجهول ؛ لأنّ رواية الخبر معلومة ، وعملهم عنده معلوم أيضا ، وما تدّعونه من علم بذلك سبق أذكر (١) هذا الخبر مجهول ، وكذلك تنبيهه على طريقة من الاجتهاد أيضا مجهول ، ولا يعدل عن المعلوم إلى المجهول.
قلنا : المعلوم رواية الخبر وعملهم عنده ، وتعليل هذا العمل بأنّه من حيث قامت الحجّة عليهم بوجوب العمل بأخبار الآحاد مجهول غير معلوم ، وإنّما هو وجه مجوّز كما أنّ صرف عملهم إلى الذكر والعلم السابق أو التنبيه على طريقة من الاجتهاد أيضا مجهول ، ومن باب الجائز ، فما فينا إلّا من أحال على أمر مجهول جائز كونه كما أنّه جائز كون غيره ، فكيف رجّحتم قولكم على قولنا ، والتساوي حاصل بين الوجوه ، والشكّ فرض من فقد الدليل القاطع؟!.
وليس لهم أن يقولوا : ما يذكرونه يقتضي أنّه لا تأثير للخبر ، على كلّ حال ، فإمّا أن يكون حجّة في وجوب العمل على ما تدّعون ، أو يكون مذكّرا لسماع تقدّم وعلم سبق ، أو يكون منبّها على طريقة من الاجتهاد ، والتأثير حاصل على كلّ حال.
ويقال لهم فيما تعلّقوا به سادسا : أمّا الرسل والعمّال الّذي كان ينفذهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى البلدان ، فأوّل كلّ شيء كانوا يدعون إليه بلا خلاف بيننا وبينهم المعرفة بالله تعالى ثمّ تصديق النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في نبوّته ودعوته ، ثمّ يدعون إلى الشرائع ، ومعلوم أنّ قول الرسل ليس بحجّة في توحيد الله وعدله ، ولا في العلم بنبوّة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فكيف أمر الرسل بالدعاء إلى ما ليس قولهم فيه حجّة؟! فإذا قالوا
__________________
(١) كذا ولعلّ الأصل «أذكره».