الكلام على هذه الشبهة في الجواب عن المسائل التبانيّات ، وبلغنا فيه الغاية (١) ، وفيما أشرنا إليه كفاية.
وأرى كثيرا من مخالفينا يعجبون من قولنا : «إنّ الإجماع حجّة» ، مع أنّ المرجع في كونه حجّة إلى قول الإمام ، من غير أن يكون للإجماع تأثير ، وينسبونا في إطلاق هذه اللفظة إلى اللّغو والعبث ، وقد بيّنّا في الكتاب الشافي (٢) في هذه النكتة ما فيه كفاية ، وفي الجملة فلستا نحن المبتدئين بالقول بأنّ الإجماع حجّة ، لكنّا إذا سئلنا وقيل لنا : ما تقولون في إجماع المسلمين على أمر من الأمور ، فلا بدّ من أن نقول : إنه حقّ وحجّة ؛ لأنّ قول الإمام المعصوم الّذي لا يخلو كلّ زمان منه لا بدّ من أن يكون داخلا في هذا الإجماع ، فجوابنا بأنّه حقّ وحجّة صحيح ، وإن كانت علّتنا في أنّه حجّة غير علّتهم ، ولو أنّ سائلا سألنا عن جماعة فيهم نبيّ : هل قول هذه الجماعة حقّ وحجّة؟ لما كان لنا بدّ من أن نقول : إنّه حجّة ، لأجل قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا نمتنع من القول بذلك لأجل أنّه لا تأثير لقول باقي الجماعة.
وقد بيّنّا في كتاب الشافي (٣) أنّه غير ممتنع أن يلتبس في بعض الأحوال قول إمام الزمان إمّا لغيبته ، أو لغيرها ، فلا نعرف قوله على التعيين ، فنفزع في هذا الموضع إلى إجماع الأمّة أو إجماع علمائنا ، لنعلم دخول الإمام المعصوم فيه ، وإن كنّا لا نعرف شخصه وعينه ، ففي مثل هذا الموضع نفتقر إلى معرفة الإجماع على القول لنعلم دخول الحجّة فيه ، إذا كان قول الإمام ـ هو الحجّة ـ ملتبسا أو مشتبها ، وهذا يجري مجرى قول المحصّلين من مخالفينا : إنّ الإجماع الّذي هو الحجّة هو إجماع المؤمنين من الأمّة ، دون غيرهم ؛ لأنّ قول المؤمنين لمّا لم يكن متميّزا ، وجب اعتبار إجماع الكلّ ليدخل ذلك فيه.
__________________
(١) راجع الرسائل ، ١ : ١١.
(٢) الشافي في الإمامة ، ١ : ٢٨١.
(٣) الشافي في الإمامة ، ١ : ٢٨٠.