فكذلك يجب إذا تقدّمت. ألا ترى أنّه لو قال : نعبدك ونستعينك ، لكان يجب من تكرار الكناية ما يجب مثله إذا تقدّمت؟.
وهذا ليس بشيء ؛ لأنّه يجوز أن يقول القائل : نعبدك ونستعين ، ويقول : أمّا زيد فانّي أحبّه وأكرم ، فلا تكرّر الكناية ، فسقط هذا الوجه.
وقيل أيضا في جواب هذه الشبهة : إنّ الفائدة في تكرار لفظ «إياك» التأكيد ، وإن كان المعنى واحدا.
وهذا الجواب إنّما يتمّ على مذهب من يقول بالتأكيد ، وأنّ معناه معنى المؤكّد في اللغة.
وأصحّ ما أجيب عن هذه الشبهة أنّه تعالى لو قال : إياك نعبد ونستعين ، لكان الكلام موهما ؛ لأنّ الاستعانة تكون لغيره ، لأنّه لم يعلّقها في الكلام به تعليقا يمنع من هذا التوهّم والاحتمال ، فإذا قال : وإياك نستعين ، زال الاحتمال وتخصّص الكلام.
مسألة : فإن قيل : ما أنكرتم أن يكون أمره لنا بأن نعبد دليلا على أنّه ما فعل المعونة ، وأنّه يجوز أن لا يفعلها ، منها (١) على أنّ القدرة مع الفعل حتى يصحّ أن يدعوه بأن يجدّدها في كلّ حال.
الجواب :
قلنا : ليس الأمر على ما توهّموه في معنى الأية ؛ لأنّه يجوز بأن يكون قد أعاننا ... (٢).
ورابعها : أن يكون الصراط هاهنا معناه الطريق إلى الجنّة ؛ لأنّ الأصل في تسمية الصراط بأنّ الصراط هو الطريق ، قال الشاعر :
أمير المؤمنين على صراط |
|
إذا اعوج الموارد مستقيم |
فكان دعوناه تعالى بأن يدخلنا الجنّة أن يهدينا إلى طريق الثواب ، وهذا أمر
__________________
(١) كذا في المطبوعة.
(٢) قال في الهامش : هذا المقام فيه سقط.