الدلالة باسم المدلول عليه للتجاوز بينهما ، وقد يتجوّز بأن يقال فيمن شهد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالعقاب : ان الشهادة اقتضت عقابه ، وإنّما هي دلالة على المقتضي للعقاب على الحقيقة ، فأقام الدلالة مقام المدلول ، ولهذه المسألة نظائر يسألوننا عنها.
والجواب عن الجميع واحد لا يختلف ، مثل قولهم : خبرّونا عن رجل صدّق بالله تعالى وبرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبأكثر ما نزل من القرآن ، ثمّ كذّب بآية واحدة من جملته ، أليس يجب على قولكم أن يكون مؤمنا بما تقدّم من إيمانه كافرا بردّ الآية ؛ لأن ما تقدّم من الإيمان ليس ينتفي بردّ الآية ، وردّ الآية كفر بالإجماع؟
ومثل قولهم : قد يجوز أن يكون بعض من آمن بعيسى عليهالسلام يبقى إلى حال بعثة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويجوز أن يكذّبه عليهالسلام ، وهذا يقتضي أن يكون مؤمنا كافرا.
فإذا قلتم : متى جحد نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا بدّ من أن يكون جاحدا بعيسى عليهالسلام ، وقيل لكم : ولم يجب ذلك والأدلّة مختلفة ، وقد يجوز أن يستدلّ ببعضها ويعلم به من يشتبه عليه الآخر؟
وجوابنا عن جميع ذلك ما أشرنا إلى الطريقة فيه ؛ لأن الرادّ للآية إذا علمناه كافرا بالإجماع علمنا به أنه لا إيمان معه ، وأن الّذي تقدّم من إظهار ما أظهره ليس بإيمان على الحقيقة ، وكذلك المكذّب بنبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا علمناه فاعلا للكفر بهذا التكذيب دلّنا ذلك على أن الإيمان لم يقع منه في حال من الأحوال.
وممّا استدلّت به المرجئة متعلّقا على أن الطاعات ليست بإيمان قولهم : لو كانت كلّ طاعة إيمان أو بعض الإيمان لكانت كلّ معصية كفرا أو بعض الكفر ، ولو كان كلّ ما أمر الله تعالى به إيمانا لكان كلّ ما نهى عنه كفرا ، ولو جاز أن يكون من الإيمان ما ليس تركه كفرا لجاز أن يكون من الكفر ما ليس تركه إيمانا.
وقالوا أيضا : لو كانت الطاعات كلّها أيمانا لم يكن لأحد من البشر كامل الإيمان والأنبياء صلوات الله عليهم ؛ لأنهم لم يستكملوا جميع الطاعات ،