مضافا إلى الحال ؛ لأنه فاعل الإيمان الّذي هو التصديق في هذه الحال ، فما خرج عن موجب الاشتقاق ، وإنّما قلنا ذلك ؛ لأن التصديق بالقلب هو المعرفة والعلم ، والصحيح فيه أنه لا يبقى وهو مجدّد له في كلّ حال.
والجواب عن الثاني : أن المنافق ليس بمصدّق لا يجب عليه التصديق به تقليد ، وإنّما يقول ذلك بلسانه ، وقد تقدّم أن المعوّل في ذلك على ما يكون في القلب دون اللسان.
والجواب عن الثالث : أن من هو في مهلة النظر وان لم يكن كونه عارفا بالله تعالى ، فإنّه في هذه الحال إذا كان مصدّقا بقلبه عارفا بما يجب عليه في هذه الحال معرفته من الأحكام العقليّة فهو مؤمن ؛ لأنه عارف لكلّ ما يجب معرفته في هذه الحال.
والجواب عن الرابع : انا نصف من كان مصدّقا بالله تعالى بقلبه عارفا بكلّ شيء يجب عليه معرفته بأنه كامل الإيمان وان فعل القبيح ، وأخلّ بالواجب ، وهل الخلاف منّا إلّا في هذا الموضع.
والجواب عن الخامس : أنا لا نسلّم اقتضاء ظاهر الكلام رجوع لفظه «ذلك» إلى جميع ما تقدّم ، بل رجوعها إلى الكلّ أو البعض ممّا يعلم بدليل ، على أنه لو سلّم رجوعها بالظاهر إلى الكلّ لجاز ترك الظاهر ؛ ليسلم ظاهر قوله تعالى : (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (١) ، وقوله جلّ اسمه : (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) (٢) وما أشبه ذلك من القرآن ، وليس ترك أحد الظاهرين ليسلم الآخر بأولى من ذلك في صاحبه.
على أنه إذا جاز منه تعالى أن يحدث ما ليس في اللغة فيسمّي بالإيمان ما لا تعرفه العرب أيمانا ، جاز أن يحدث في الردّ ورجوعه إلى كلّ ما تقدّم أو بعضه ما لا يعهد في اللغة ، وأيّ فرق بين الأمرين؟
وبعد ، فإن لفظة «ذلك» عبارة عن الواحد فكيف يكون عبارة عن جميع ما
__________________
(١) سورة الشعراء. الآية : ١٩٥.
(٢) سورة الزخرف ، الآية : ٣.