وأيضا ، فإن التشكّك في وقع المعارضة والاعتذار في خفائها بالتقيّة من كثرة أهل الإسلام يقتضي أن نجوّز كون جماعة في زمانه صلىاللهعليهوآلهوسلم يدّعون النبوّة لنفوسهم ظهر على أيديهم من المعجزات أكثر ممّا ظهر على يده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكلّ واحد منهم دعا إلى نسخ شرعه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنّما لم يتّصل ذلك بنا للخوف الّذي ذكروه في نقل المعارضة.
وليس يلزم الإمامية القائلين بالنصّ الجلي على أمير المؤمنين عليهالسلام ـ وإن كان السبب في خفائه وعدم انتشاره في جميع الأمّة الخوف من أعدائه وكتمان أكثر الأمّة له ـ أنّ يجوّزوا وقوع المعارضة وخفائها لمثل ذلك.
والفرق بين الأمرين واضح ؛ لأن النصّ وان كتمه وان كتمه قوم فقد نقله آخرون ، وإن كانوا منهم عددا ، وإن لم يشعر مخالفي الإمامية نقله فقد شاعت في الإمامية روايته وإن كانوا في بعض الأحوال غير متظاهرين بها ، فإن جرت المعارضة مجراه فيجب أن نجد نقلها في جماعة تقوم بنقلها الحجّة ، ولا يكون الخوف موجبا لانقطاع نقلها ، كما لم يكن الخوف في النصّ قاطعا لنقله.
على أنا ندعي العلم الضروري بأن المعارضة لم تقع ، ولم لا يمكن مخالفي النصّ أن يدّعي العلم الضروري بأن النصّ لم يقع.
فإن قيل : فبم تدفعون وقوع معارضة لم يتّفق أن يعلمها إلّا واحد أو اثنان من الصحابة ، وان من علم ذلك قتل هذا المعارض ، فانكتم المعارضة ولم يظهر؟
قلنا : المعارضة إذا كانت غير واقعة من الخطباء والشعراء والبلغاء المعروفين المشهورين من الّذين كانوا يتمكّنون من إظهار المعارضة لو قدروا عليها وفعلوها ، وما كان يتمّ عليهم ما ذكر من القتل وطي ما عارضوا به فقد ذلك كاف في الدلالة على صحّة النبوّة ؛ لأنهم إما أن يكونوا مصروفين عن المعارضة على ما يقوله أصحاب الصّرفة أو يكونوا إنّما لم يعارضوا لخرق فصاحة القرآن لعادتهم ، وأيّ الأمرين كان فلا بدّ من العلم بتساوي الخلق فيه ،