وكيف لا يكون كذلك وفي القول بالتشبيه والاجبار الانخلاع عن معرفة الله تعالى ومعرفة جميع رسله ، إذ كلّ من شبّه الله بشيء من خلقه لم يتهيّأ له أن يثبت الله قديما وقد أثبت له مثلا محدثا ، وفي ذلك عدم العلم بالصنع والصانع والرسول والمرسل ، وإن من أجاز على الله جلّ وعلا فعل الظلم والكذب وإرادة الفواحش والقبائح لم يمكنه أن يثبت لرسول من رسل الله تعالى معجزة أقامها الله تعالى لهداية الخلق دون إضلالهم ولرشدهم دون إغوائهم ، وفي ذلك سقوط العلم بصدق الرسل فيما دعت إليه ، وذلك يوجب أن لا يكون معتقدا ، ولا لازم الاخبار عن ثقة ويقين من صدق الرسل ، ولا صحة الكتب ، ولا كون الجنة والنار ، وهذا هو الخروج من دين الإسلام ، والانخلاع عن دين محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قالوا : ونحن نصف قولنا ونذكر دعوتنا فليتدبّر ذلك السامع منّا ، وليقابل به قول غيرنا ، فانّه سيعلم ـ إن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ـ أيّنا أهدى سبيلا ، وأقوم قيلا ، وأولى بالتمسّك بالكتاب والسنّة ، واتّباع الحجّة ، ومجانبة البدعة.
فأوّل ذلك أن نقول : إنّ الله ربّنا ، ومحمّد نبينا ، والإسلام ديننا ، والقرآن إمامنا ، والكعبة قبلتنا ، والمسلمون إخواننا ، والعترة الطاهرة من آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحابته والتابعين لهم بإحسان سلفنا وقادتنا ، والمتمسّكون بهديهم من القرون بعدهم جماعتنا وأولياؤنا ، نحبّ من أحبّ الله ، ونبغض من أبغض الله ، ونوالي من والى الله ، ونعادي من عادى الله ، ونقول فيما اختلف فيه أهل القبلة بأصول نشرحها ونبيّنها : فأوّلها توحيدنا لربّنا ، فانّا نشهد أنّ الله عزوجل واحد ليس كمثله شيء ، وأنّه الاوّل قبل كل شىء ، والباقي بعد فناء كلّ شىء ، والعالم الذي لا يخفى عليه شيء ، والقادر الذي لا يعجزه شىء ، وأنّه الحيّ الذي لا يموت والقيّوم الّذي لا يبيد ، والقديم الذي لم يزل ولا يزال ، حيّا ، سميعا ، بصيرا ، عالما ، قادرا ، غنيا ، غير محتاج إلى مكان ولا زمان ولا اسم ولا صفة ولا شيء من الاشياء على وجه من الوجوه ولا معنى من المعاني ، قد سبق الأشياء كلّها بنفسه ، واستغنى عنها بذاته ، ولا قديم إلّا هو وحده سبحانه وتعالى