عن صفات المحدثين ، ومعاني المخلوقين ، وجلّ وتقدّس عن الحدود والاقطار ، والجوارح والاعضاء ، وعن مشابهة شيء من الأشياء أو مجانسة جنس من الاجناس أو مماثلة شخص من الاشخاص ، وهو الإله الواحد الذي لا تحيط به العقول ، ولا تتصوّره الأوهام ، ولا تدركه الابصار ، وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير ، الذي يعلم ما يكون ، ويعلم ما كان وما سيكون وما لا يكون لو كان كيف كان يكون ، قد أحاط بكلّ شيء علما ، وأحصى كلّ شيء عددا ، وعلم الأشياء [كلّها] بنفسه من غير علم أحدثه ، ومن غير معين كان معه ، بل علم ذلك كلّه بذاته التي لم يزل بها قادرا عالما حيا سميعا بصيرا ؛ لأنّه الواحد الذي لم يزل قبل الأشياء كلّها ثم خلق الخلق من غير فقر ولا حاجة ، ولا ضعف ولا استعانة ، من غير أن يلحقه لحدوث ذلك تغيّر ، أو يمسّه لغوب ، أو ينتقل به إلى مكان ، أو يزول به عن مكان ، إذ كان جلّ شأنه لم يزل موجودا قبل كلّ مكان ، ثمّ حدثت الاماكن وهو على ما كان فليس يحويه مكان ، وقد استوى على العرش بالاستيلاء والملك والقدرة والسلطان وهو مع ذلك بكلّ مكان اله عالم ، مدبّر ، قاهر ، سبحانه وتعالى عمّا وصفه به الجاهلون ، من الصفات التي لا تجوز إلّا على الأجسام من الصعود والهبوط ومن القيام والقعود ، ومن تصويرهم له جسدا ، واعتقادهم اياه مشبها للعباد يدركونه بأبصارهم ، ويرونه بعيونهم ، ثم يصفونه بالنواجذ والأضراس ، والأصابع ، والأطراف ، وانّه في صورة شابّ أمرد وشعره جعد قطط ، وأنّه لا يعلم الاشياء بنفسه ، ولا يقدر عليها بذاته ، ولا يوصف بالقدرة على أن يتكلّم ولا يكلّم أحدا من عباده ، فتعالى الله عمّا قالوا ، وسبحانه عمّا وصفوا ، بل هو الإله الواحد الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، العليم القدير ، الذي كلّم موسى تكليما ، وأنزل القرآن تنزيلا ، وجعله ذكرا محدثا من أحسن الحديث ، وقرآنا عربيا من أحسن الكلام ، وكتابا عزيزا من أفضل الكتب ، أنزل بعضه قبل بعض ، وأحدث بعضه بعد بعض ، وأنزل التوراة والإنجيل من قبل ، وكلّ ذلك محدث كائن بعد أن لم يكن ، والله قدير قبله لم يزل ، وهو ربّ القرآن وصانعه وفاعله ومدبره ، وربّ كل كتاب أنزله ،