ويقال لهم : أتقولون إنّ الله مصيب عادل في جميع ما خلق؟ فإذا قالوا : نعم. قيل لهم : فما أنكرتم أن يكون جميع ما خلق صوابا وعدلا إن كان عادلا مصيبا في خلقه. فإن قالوا : إنّ جميع ما خلق عدل وصواب. قيل لهم : أفليس من قولكم إنّ الظلم والكفر والخطأ عدل وصواب. فإن قالوا : إنّ ذلك عدل وصواب. قيل لهم : فما أنكرتم أن يكون ذلك حقّا وصلاحا.
فإن قالوا : بذلك فقد وضح فساد قولهم ولزمهم أن يكون الكافر عادلا بفعله الكفر وأن يكون مصيبا محقّا مصلحا أكان فعله عدلا وصوابا وحقّا وصلاحا.
فإن أبوا أن يكون الكفر صلاحا وصوابا وحقّا وعدلا قيل لهم : فما أنكرتم أن لا يكون بفعله الجور عادلا ، ولا بفعله الخطأ مصيبا ولا بفعله الفساد مصلحا إذا ، فإن قالوا بذلك ، قيل لهم : فما أنكرتم أن لا يكون الخطأ والجور من فعله إذ كان مصيبا عادلا في جميع فعله. فإن قالوا بذلك ، تركوا قولهم وصاروا إلى قول أهل الحقّ : إن الله لا يفعل خطأ ولا جورا ولا باطلا ولا فسادا.
ويقال لهم : أتقولون إنّ الله يفعل الظلم ولا يكون ظالما؟ فمن قولهم : نعم. يقال لهم : فما الفرق بينكم وبين من قال : إنّه ظالم وإنّه لم يفعل ظلما؟ وإن قالوا : إنّه لا يجوز أن يكون ظالما إلّا من فعل ظلما ، قيل لهم : وكذلك لا يجوز أن يكون للظلم فاعلا ولا يكون ظالما ، بل يجب أن يكون من كان للظلم فاعلا أن يكون ظالما.
ويقال لهم : أليس من قولكم إنّ الله خلق الكفر في الكافرين ثمّ عذّبهم عليه؟ فإذا قالوا : نعم. يقال لهم : فما أنكرتم أن يضطرّهم إلى الكفر ثمّ يعذّبهم عليه؟ فإن قالوا : لو اضطرّهم إلى الكفر لم يكونوا مأمورين ولا منهيين ؛ لأنّه لا يجوز أن يؤمروا ولا ينهوا بما اضطرّهم إليه. قيل لهم : ولو كان الكفر قد خلق فيهم لم يكونوا مأمورين ولا منهيين ؛ لأنّه لا يجوز أن يؤمروا وينهوا بما خلق الله فيهم ، وكلّما اعتلوا بعلّة عورضوا بمثلها.
وإن قالوا : إنّ الله اضطرّهم إلى الكفر. قيل لهم : فما أنكرتم أن يكون قد