ويخدعهم عن أديانهم؟ فإن قالوا بذلك شتموا الله أعظم الشتيمة. وإن قالوا : إن الله لا يخدع أحدا عن دينه ولا يغرّ أحدا عن دينه. قيل لهم : فما أنكرتم أن لا يجوز أن يضرّه في دينه ؛ وكلّما اعتلوا بعلّة عورضوا بمثلها.
ويقال لهم : أتقولون : إنّ الله ضرّ النصراني في دينه إذ جعله نصرانيا وخلق فيه الكفر ، وكذلك اليهودي؟ فإن قالوا : نعم ـ وهو قولهم ـ فيقال لهم : فما أنكرتم أن يفسده في دينه فيكون مفسدا لعباده في أديانهم. فان قالوا : إنّه مفسد لهم في أديانهم. قيل لهم : أفيجب عليهم شكره وهو في قولهم مفسد لهم؟ فإن قالوا : لا يجب أن يشكر صحّ كفرهم ، وإن قالوا : إنّه يجب أن يشكر. قيل لهم : على ماذا يشكر؟ فإن قالوا : على الكفر فقد افتضحوا وبان خزيهم. وإن قالوا : إنّه يشكر على ما خلق فيهم من الصحّة والسلامة. قيل لهم : أو ليس هذه الامور عندكم قد فعلها مضرّة عليهم في دينهم ليكفروا ويصيروا إلى النار ، فكيف يكون ما به هلاكهم نعمة عليهم؟! فإذا جاز ذلك يكون من أطعمني خبيصا مسموما ليقتلني به منعما عليّ ومحسنا إلى فإن قالوا : لا يكون محسنا إلى الكافر بهذه الامور إذ إنّما فعلها فيهم ليكفروا ويصيروا إلى النار ، فلا بدّ لهم أن لا يروا الشكر لله على العباد واجبا ، فيخرجوا من دين أهل القبلة.
ويقال لهم : أليس الله بفعله للصواب مصيبا؟ فمن قولهم : نعم يقال لهم : فإذا زعمتم أنّه قد جعل الخطأ فما أنكرتم أن يكون مخطئا؟ فإن قالوا : إنّه مخطيء ، بان كفرهم ، وإن قالوا : لا يكون بفعله للخطأ مخطئا. قيل لهم : فما أنكرتم أن لا يكون بفعله للصواب مصيبا كما لم يكن بفعله للخطأ مخطئا؟ وكلّما اعتلوا بعلّة عورضوا بمثلها.
ويقال لهم : أليس الله «عزوجل» مصلحا للمؤمنين بما خلق فيهم من الصلاح؟ فإذا قالوا : نعم. قيل لهم : فما أنكرتم أن يكون مفسدا للكافرين بما خلق فيهم من الكفر والفساد؟ فإن قالوا بذلك. قيل لهم : فما أنكرتم أن يكون ظالما بما خلق فيهم من الظلم؟ فإن أبوا ذلك يسألوا الفصل بينهما ولن يجدوه ، وإن قالوا : إنّه ظالم ، فقد وضح شتمهم الله تعالى.