فأمّا الكلمات فقد قيل : إنّها (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (١).
وقيل : بل هي «سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر».
وقيل : بل الكلمات انّ آدم عليهالسلام قال : يا رب أرأيت إن تبت وأصلحت قال الله تعالى : اذن أرجعك إلى الجنة.
وقيل ـ وهذه رواية تختص أهل البيت ـ : إنّ آدم رأى مكتوبا على العرش أسماء معظّمة مكرّمة ، فسأل عنها؟ فقيل له هذه أسماء أجلّ الخلق منزلة عند الله تعالى ، وأمكنهم مكانة ذلك بأعظم الثناء والتفخيم والتعظيم ، أسماء محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم ، فحينئذ سأل آدم عليهالسلام ربّه تعالى وجعلهم الوسيلة في قبول توبته ورفع منزلته.
فإن قيل : على هذا الوجه الاخير كيف يطابق هذا الوجه قوله تعالى «فتلقى آدم من ربه كلمات» وما الذي تلقّاه؟ وكيف يسمّي من ذكرتهم كلمات؟ وهذه إنّما يتمّ في الوجوه الأوّل ؛ لأنّها متضمّنة ذكر كلمات وألفاظ على كلّ حال.
قلنا : قد يسمّي الكتابة كلمات على ضرب من التوسّع والتجوز ، وإذا كنّا قد ذكرنا أنّ آدم عليهالسلام رأى كتابا يتضمّن أسماء قوم ، فجائز أن يقال : إنّها كلمات تلقاها ورغب إلى الله بها.
ويجوز أيضا أن يكون آدم لمّا رأى تلك الكتابة سأل عنها ، قال الله تعالى : هذه أسماء من أكرمته وعظمته. وأجللته ورفعت منزلته ، ومن لا أسأل به إلّا أعطيت وكانت هذه الكلمات التي تلقّاها وانتفع بها.
فأمّا التوبة من آدم عليهالسلام وقبول الله تعالى توبته ، وهو على مذهبنا الصحيح لم يوقع ذنبا ولا قارف قبيحا ولا عصى بأن خالف واجبا ، بل بأن ترك مندوبا ، فقد بيّنا معناها مستقصى مستوفى في كتاب «تنزيه الانبياء والأئمة» عليهمالسلام (٢) وأزلنا الشبهة المعترضة عن هذا المعنى ، فمن أراد ذلك أخذ من موضعه.
__________________
(١) سورة الأعراف ، الآية : ٢٣.
(٢) سيأتي في سورة طه ، الآية : ١٢١.