الطريق. وحكى عن بعضهم : أطيب النّاس الزّبد ، أي أطيب ما يأكل الناس الزّبد ، وكذلك قولهم : حسبت صباحى زيدا ، أي صباح زيد ، وروي عن ابن عباس في قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ) (١) ، أي ليس على من أكل مع الأعمى حرج ، وفي قوله تعالى : (رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) (٢) ، وذكروا أنّه كان راعيا تبعهم.
فأمّا ما كنّى عنه بالهاء في قوله تعالى : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى) ففيه وجوه أربعة :
أوّلها : أن تكون الهاء راجعة على المال الذي تقدّم ذكره ، ويكون المعنى : وآتى المال على حبّ المال ، وأضيف الحبّ إلى المفعول ، ولم يذكر الفاعل : كما يقول القائل : اشتريت طعامي كاشتراء طعامك ، والمعنى كاشترائك طعامك.
والوجه الثاني : أن تكون الهاء راجعه إلى «من آمن بالله» ، فيكون المصدر مضافا إلى الفاعل ، ولم يذكر المفعول لظهور المعني ووضوحه.
والوجه الثالث : أن ترجع الهاء إلى الإيتاء الذي دلّ «وآتى» عليه ، والمعنى : وأعطي المال على حبّ الإعطاء ، ويجري ذلك مجرى قول القطاميّ :
هم الملوك وأبناء الملوك لهم |
|
والآخذون به والسّاسة الأول (٣) |
فكنّي بالهاء عن الملك ، لدلالة قوله : «الملوك» عليه ، ومثله قول الشاعر :
إذا نهي السّفيه جرى إليه |
|
وخالف والسّفيه إلى خلاف |
أراد : جرى إلى السّفه الذي دلّ ذكر السفيه عليه.
والوجه الرابع : أن تكون الهاء راجعة إلى الله تعالى ؛ لأنّ ذكره تعالى قد تقدّم ، فيكون المعني : وآتى المال على حبّ الله ذوي القربى واليتامى.
فإن قيل : فأيّ فائدة في ذلك ، وقد علمنا الفائدة في إيتاء المال مع محبّته
__________________
(١) سورة النور ، الآية : ٦١.
(٢) سورة الكهف ، الآية : ٢٢.
(٣) جمهرة الأشعار : ٣١٦ ؛ وهو آخر قصيدته التي مطلعها :
إنا محيّوك فاسلم أيّها الطّلل |
|
وإن بليت وإن طالت بك الطّول |