[الرابع :] وممّا ظنّ انفراد الإمامية به ولها فيه موافق متقدّم ، القول بأنّ من صام شهر رمضان في السفر يجب عليه الاعادة ...
والحجّة لقولنا الاجماع المتكرر ، وأيضا قوله تعالى : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، فأوجب الله تعالى القضاء بنفس السفر ، ومن ادّعى ضميرا في الآية وهو لفظة فأفطر فهو تارك للظاهر من غير دليل.
فإن قيل : فيجب أن تقولوا مثل ذلك في قوله «فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه» ولا تضمروا فحلق ، قلنا : هكذا يقتضي الظاهر ولو خلّينا وإيّاه لم نضمر شيئا ، لكن أضمرناه بالإجماع ولا إجماع ولا دليل يقطع به في الموضع الذي اختلفنا فيه (١).
[الخامس : قال الناصر رحمهالله :] «لا يجوز التفريق في قضاء صوم شهر رمضان إلّا من عذر».
عند أصحابنا : أنّه مخيّر بين التفريق والمتابعة في قضاء صوم شهر رمضان ...
دليلنا على ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتردّد ، قوله تعالى : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ). والعدّة تقع على المتتابع والمتفرّق.
وأيضا ؛ فإن التتابع حكم شرعي زائد على وجوب القضاء على الجملة ، فالأصل ألّا شرع ، فمن أثبته فعليه الدليل (٢).
وأيضا ما رواه نافع ، عن ابن عمر : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «من كان عليه شيء من قضاء رمضان إن شاء صامه متتابعا ، وإن شاء صامه متفرّقا» (٣).
فإن قالوا : قد أمرنا بالقضاء في الآية أمرا مطلقا ، والأمر المطلق على الفور.
__________________
(١) الانتصار : ٦٦.
(٢) الناصريات : ٢٩٧.
(٣) الدرّ المنثور ، ١ : ١٩٢.