هذا صحيح ، وإليه يذهب أصحابنا.
وقال الشافعي : يقضى بالشاهد واليمين في الأموال.
وقال أبو حنيفة : لا يقضى به على كلّ حال.
دليلنا بعد الاجماع المتردّد : ما رواه عمرو بن دينار ، عن ابن عبّاس أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قضى باليمين مع الشاهد قال عمرو : كان ذلك في الحقوق ، وروى هذا الخبر أبو هريرة ، وجابر وغيرهما ... فإن تعلقوا بقوله تعالى : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) وأن هذا يمنع من الشاهد مع اليمين.
وربّما قالوا : إثبات الشاهد واليمين زيادة في النصّ ، والزيادة في النصّ نسخ.
فالجواب عن ذلك : أنّ الآية إنّما أوجبت ضمّ الشاهد الثاني إلى الأوّل ، وإقامة المرأتين مقام أحد الشاهدين ، وليس في الآية نفي العمل بالشاهد واليمين ، لأنّ ضمّ الشاهد الثاني إلى الأوّل أو جعل المرأتين بدلا من أحدهما أكثر ما يقتضيه أن يكون شرطا في الشهادة ، وتعلّق الحكم بشرط لا يدلّ على أنّ ما عداه بخلافه ، لأنّ الشروط قد تخالف بعضها بعضا وتقوم بعضها مقام بعض.
ألا ترى أنّ القائل إذا قال : (إذا زنى الزاني فأقم عليه الحدّ) فقد اشترط في إقامة الحدّ الزنا ، فلا يمتنع من أن يجب عليه الحدّ بسبب آخر من قذف أو غيره ، فتناوب الشرط في الأحكام معروف لا يدفعه محصّل.
وأمّا قولهم : إنّ ذلك نسخ ، فليس كلّ زيادة في النصّ نسخا ، وإنّما يكون نسخا إذا غيّرت حال المزيد عليه وأخرجه من كلّ أحكامه الشرعية ، وقد علمنا أنّ إقامة الشاهد واليمين مقام الشاهدين لم تغيّر شيئا من أحكام قبول الشاهدين ، بل ذلك على ما كان عليه بأن أضيف إليه مرتبة أخرى.
على أنّه لو كان الأمر على ما ذهب إليه أصحاب أبي حنيفة ـ في أنّ الزيادة في النصّ نسخ على كلّ حال من غير اعتبار بما ذكرناه ـ لما جاز أن يحكم في الزيادة أنّها نسخ إلّا إذا تأخّرت عن دليل الحكم المزيد عليه ، فأمّا إذا صاحبته