وقع بين الخصمين الّذين حضرا عند النبي داود عليهالسلام وما ورد من روايات تدلّ على وقوع المعصية من قبل داود يعلق السيّد المرتضى على ذلك بقوله : «نحن نجيب بمقتضى الآية ونبيّن أنّه لا دلالة في شيء منها على وقوع الخطأ من داود عليهالسلام ، فهو الّذي يحتاج إليه ، فأمّا الرواية المدعاة ، فساقطة مردودة ، لتضمّنها خلاف ما يقتضيه العقول في الأنبياء عليهمالسلام ، قد طعن في رواتها بما هو معروف ، فلا حاجة بنا إلى ما ذكره» (١).
وإذا كان الاقتباس الأوّل ينافي أدلّة العقول فإنّه يعمد إلى انتهاج التأويل (٢) ، ويستعين في هذا الإطار بالشواهد الشعرية واللغوية (٣).
ومن هذا المنطلق فإن وجد روايات مؤيّدة فإنّه يشير إليها ؛ فمثلا في «الآية ٦٩ من سورة الأحزاب» يقول في ردّ الزعم الّذي أوردته بعض الإسرائيليّات من أنّ النبيّ موسى عليهالسلام كان قد كشف عورته يجيب قائلا : «والّذي روي في ذلك من الصحيح معروف ، وهو أنّ بني إسرائيل لما مات هارون عليهالسلام قذفوه بأنّه قتله ؛ لأنّهم كانوا إلى هارون عليهالسلام أميل ، فبرّأه الله تعالى من ذلك بأنّ أمر الملائكة بأن تحمل هارون ميّتا ، فمرّت به على محافل بني إسرائيل ناطقة بموته ومبرئة لموسى عليهالسلام من قتله. وهذا الوجه يروى عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.
وروي أيضا أن موسى عليهالسلام نادى أخاه هارون عليهالسلام فخرج من قبره فسأله هل قتله قال لا؟ ثمّ عاد إلى قبره. وكلّ هذا جائز والّذي ذكره الجهّال غير جائز» (٤).
وإن كانت هناك روايات تخالف الظهورات القرآنية أو أدلّة العقول فإنّه يرفضها وقد أوردنا لذلك أمثلة. وإن أمكن فإنّه يؤوله ؛ وعلى سبيل المثال يورد على رواية أبي هريرة الّذي يتّهم فيها إبراهيم بالكذب ثلاث مرّات : «ويحتمل ـ
__________________
(١) تنزيه الأنبياء : ١٢٧.
(٢) راجع الأعراف : ١٨٩ ـ ١٩٠.
(٣) راجع ص : ٢١ ـ ٢٤.
(٤) تنزيه الأنبياء : ١٢٥.