ونقرأ أيضاً : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَاتَعتَذِرُوا الْيَوْمَ انَّمَا تُجْزَونَ مَاكُنْتُمْ تَعمَلُونَ). (التحريم / ٧)
فالمعذرة نافعة حين لا تكون القضية متعلّقة بالعلة والمعلول والنتيجة للأعمال.
والآيات التي تتحدث مثلاً عن تجسيد الأعمال وتشبّه أكل مال اليتيم بأكل النّار تدل بأجمعها على هذا المعنى ، وكذلك الروايات التي تقول إنّ الطباع الحيوانية في الإنسان ، تظهر من داخله يوم القيامة وترتسم على خارجه ، فتغدو صور الأشخاص شبيهة بالحيوانات المتميّزة بتلك الطباع.
وخلاصة القول : إنّ هذه الدنيا مزرعة ، والآخرة أوان وزمان الحصاد ، فإن كان الإنسان قد زرع بذور الورد ، فمحصوله أغصان طيبة وطرية ومعطّرة من الورد ، وإن كان قد بذر الشوك فلا يجني سواه.
جاء في حديث عن النبي صلىاللهعليهوآله : «جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله أوصني فقال : احفظ لسانك ، قال : يا رسول الله أوصني ، قال : احفظ لسانك ، قال : يارسول الله أوصني ، قال : احفظ لسانك ويحك وهل يكب الناس على مناخرهم في النّار إلّاحصائد ألسنتهم» (١).
٢ ـ لا شك في أنّ التبشير والتحذير يعتبران دعامتين أساسيتين في إجراء البرامج التربوية ، فكما أنّ التبشير بالجزاء الأوفر الذي يحظى به الإنسان في الجنّة يُعَدُّ عاملاً فاعلاً في الدعوة إلى طاعة الله وترك معصيته ، فكذلك التحذير والوعيد بالعذاب الصارم في جهنّم يُعتبر هو الآخر مؤثّراً قويّاً في هذا الجانب ، لا بل ثبت بالتجربة أنّ للعقوبات تأثيراً أقوى.
ولهذا فإنّ جميع القوانين التي تسنّها مراكز التشريع القانوني في العالم تضمن عقوبات للمخالفين وهو ما يصطلح عليه علماء الحقوق باسم الضمانة التنفيذية ، وتحظى هذه الضمانة بقدر كبير من الأهميّة بحيث تُعتبر واحدة من العناصر الأساسية التي يبنى عليها القانون ، ولو أنّ قانوناً استُنَّ ولم يتضمن أي عقاب للمخالفين (كالسجن والجلْد والغرامة
__________________
(١). اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ١١٥ ، ح ١٤.