تخاطب الآية الثانية الكفّار الذين ظلموا أنفسهم بسلوكهم هذا السبيل الخاطيء وتقول لهم : (فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى المُتَكَبّرينَ).
وما يلفت النظر هنا أنّ «أبواب جهنّم» جاءت هنا بصيغة الجمع في حين يدخل كل فريق من باب واحدة لا من أبواب متعددة ، (فتأمل).
ولعل مرد هذا التعبير هو كون المخاطبين جمعاً ، ومن الطبيعي عندما تريد جماعة الدخول إلى مكان ما له أبواب عديدة ، فكل فريق يدخل من باب ، إذن فهم جميعاً يدخلون من أبواب متعددة ، أو أنّ كل فريق منهم يدخل تحت عنوان خاص من الباب المخصصة له ، كما ويحتمل أيضاً أن يكون مخاطبو هذه الآية في الطبقات الدنيا من جهنّم وهذا ما يحتّم عليهم اجتياز أبواب وطبقات متعددة للوصول إلى هناك.
وعلى أيّة حال فالآية أشارت فقط إلى أبواب الجنّة من غير أن توضّح عددها ، وبتعبير آخر يبدو أنّ جهنّم شبيهة بالسجون الرهيبة المتداخلة في بعضها والمكوّنة من طبقات متعددة ، وهنالك فريق من الضالين والمعاندين يجب أن يمّروا من خلال كل هذه الطبقات لكي يستقروا في «قعر جهنّم» أو «الدرك الأسفل» أو في الطبقات القريبة منه.
* * *
وورد نفس هذا الموضوع في الآية الثالثة وبتعبيرات اخرى حيث قال تعالى : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى اذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ ابوَابُهَا).
وكأنّ هذا التعبير يشير إلى أنّ جهنّم تدرك وصولهم حينما يقتربون ، فتفتح لهم الأبواب فجأة وهذه الرؤية المفاجئة تزيد من روعهم ، في حين جاء نفس هذا المعنى بشأن أصحاب الجنّة فكان مدعاة لمزيد من الفرح والسرور لهم ، ونواجه هنا ثانية ذكر تعدد أبواب جهنّم من غير ذكر لعددها ، ومن ثم يتكرر الحديث هنا أيضاً عن انفتاح جميع الأبواب ، في حين يدخل كل فريق من باب ، وقد يكون اختيار هذا التعبير لأسباب ذكرت في الآية السابقة.
* * *