على لونها ويكبر في ظل ظروفها ولا يشبه الأعشاب التي تنمو في حدائقنا وحتّى في الحياة الدنيا توجد عجائب من هذا القبيل إذ تنمو مخلوقات حيّة بين طبقات الثلج وهذا دليل على أنّ الحياة للكائنات الحيّة هناك لُايشترط فيها أن تكون (كحياة الكائنات الحيّة المعروفة في بيئتنا العاديّة ، أوَليس من العجيب بقاء الإنسان حيّاً في جهنّم؟! فما الفرق بين الانسان والعشب؟).
أمّا تشبيه فروع هذه النبتة «برؤوس الشياطين» مع أنّ مخاطبي هذه الآيات لم يكن أحد منهم قد رأى الشيطان ولا رؤوس الشياطين ، فقد يكون من باب تشبيه كل قبيح بالشيطان ، كما يُشبّه كل كائن جميل بالملاك رغم أنّ أحداً لم ير الملاك ، فنسوة مصر قُلن عن يوسف : (انْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ). (يوسف / ٣١) وفى محادثتنا اليومية نقول أحياناً أنّ الشخص الفلاني ك «العفريت» مع أنّ أحداً لم يكن قد رأى «العفريت» ، بل العفريت كائن وهمي لا وجود له.
وكل هذه التشبيهات جاءت على أساس التصور الموجود لدينا عن كلمة «الملاك» و «الشيطان» ، وهي على العموم تشبيهات بليغة ومؤثّرة وجميلة.
وعلى هذا فالزقوم ليس كريه الطعم والرائحة فقط بل وحتّى شكله الظاهري قبيح جدّاً ، على العكس من الكثير من النباتات السامّة في هذه الدنيا ذات المظهر الجميل.
وقال جماعة من المفسرين أيضاً : إنّ أحد معاني الشيطان هو حيّة قبيحة المظهر شبّهت بها تفرّعات الزقّوم ، لكن هذا التفسير يبدو مستبعداً ، لأنّ استعمال الشيطان في مثل هذا المفهوم نادر جدّاً.
* * *
وفي المجموعة الثالثة من الآيات ورد اسم طعام آخر من أطعمة أصحاب النّار وهو «غسلين» ، فقالت الآية الشريفة : (فَلَيسَ لَهُ اليَوْمَ ههُنَا حَمِيمٌ* وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِن غِسْلِينٍ* لَّايَأكُلُهُ إِلَّا الخَاطِئُونَ).