ويمثل طعام أصحاب النّار ، أمّا «غسلين» فهو شرابهم ، والتعبير عن الأشربة بالطعام ليس بالأمر الجديد.
٣ ـ أنّ الأطعمة الثلاثة المذكورة أعلاه يختص كل لون منها بطائفة خاصة من أصحاب النّار مستقرة في طبقة واحدة منها ، وهذا الجواب هو الأنسب من بينها.
* * *
وفي الآية الخامسة تكرر الحديث عن الشراب الرديء لأصحاب النّار ، فقالت الآية الشريفة في وصف حالهم : (انَّا اعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَان يَستَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالمُهِل يَشوِى الوُجُوهَ بِئسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً).
يُلاحظ أنّ هذه العقوبات القاسية قد أُعدّت للظالمين الذين كانوا يعيشون مُنعمين مُترفين في هذه الدنيا خلف ستائر رقيقة ملوّنة يحتسون أنواع وألوان الشراب السائغ اللذيذ وتزهو حفلات شرابهم بسُقاة صبوحي الوجوه ، أمّا في جهنّم فهم يتعذبون خلف ستائر من نار وحينما يطلبون الماء يُسقون بماء كأنّه المعادن المذابة وحرارته دموع اليتامى وآهاتهم لأنّ ما يظهر هناك هو تجسيد لما كان هنا.
فهل يمكن شرب الماء الذي تشوي حرارته الوجوه؟ يدل هذا على أنّ بُنية الإنسان تختلف هناك كثيراً عمّا هي عليه هنا ، وأنّ بناءها قد وضع بالشكل الذي يحتمل كل هذه الامور ، فهو يذوق الألم والعذاب من غير أن يموت ، أو أنّ ذلك إشارة إلى أنّه حينما يرى مثل هذا الماء ينصرف عن تناوله ويبقى يتلوّى في نار العطش.
وكلمة «المُهل» على وزن (قُفْل) تعني ـ كما قال جماعة من المفسّرين وأصحاب اللغة ـ ما يتبقى في أسفل آنية الزيت فيكون وسخاً كريه الرائحة عادة.
وقال المرحوم الطبرسي رحمهالله في مجمع البيان : «إنّه المعدن المذاب في حين خصصه بعضهم بالنحاس المذاب» وقيل إنّه ماء أسود فجهنّم سوداء وماؤها أسود وشجرها أسود