ثم تضيف الآية الشريفة : (عَلَيهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّايَعْصُونَ اللهَ مَاأَمَرَهُمْ وَيَفعَلُونَ مَايُؤْمَرُونَ).
فوجود مثل هؤلاء الملائكة القساة الأشداء يضاعف الآلام النفسية لأصحاب جهنّم ، ويسدّ عليهم كل منافذ الحياة.
فقد كان هؤلاء في حياتهم الدنيا يعاملون من هم تحت سلطانهم بكل قسوة ، وكان عمّالهم الجناة يعاملون الناس بغلظة وشدّة وبلا أيّة رحمة أو شفقة ، فوقعوا اليوم ضحية لمثل ذلك السلوك.
وممّا يلفت الانتباه هو أنّ الآية التالية لها تخاطب الكفّار قائلة : (لَاتَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ انَّمَا تُجْزَونَ مَا كُنتُمْ تَعمَلُون). (التحريم / ٧)
قال بعض المفسرين الذين لا يسعهم تصّور اندلاع النّار من داخل الأحجار : إنّ المقصود من الأحجار تلك الأحجار الكبريتية التي ينبعث منها الشرر أثناء ارتطامها بالحديد ، بينما نعلم اليوم بأنّ الطاقة الذريّة الكامنة في كل كائن مادّي بإمكانها بعث مقادير عظيمة من النّار.
«الغلاظ» : جمع (غليظ) ، و (الشداد) جمع (شديد) وكلاهما لمعنى واحد ، وقد يكون ذكرهما سوية من باب التأكيد ، لكن البعض يقول إنّ «الغلاظ» تعني الخشونة في القول و «الشداد» تعني الخشونة في الفعل ، أو تعني الأولى الخشونة الخُلُقية والثانية الخشونة الخَلقية ، وعلى كل حال فهولاء الملائكة ملزمون بحكم الله لا يعصون له أمراً.
وقالوا أحياناً : إن وضع الإنسان بمنزلة الحطب إلى جانب الأحجار يُعتبر بحد ذاته استهانة بهم وعقوبة روحية ومعنوية (١).
* * *
وتمر علينا في الآية الثامنة والأخيرة محاورة مذهلة بين أصحاب الجنّة وأصحاب النّار
__________________
(١). تفسير في ظلال القرآن ، ج ٨ ، ص ١٦٨.