تكون سبباً لإيذاء أصحاب النّار : (وَنَادَى اصْحَابُ الجَنَّةِ اصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً).
فأجابوا وقد استحوذ عليهم الحياء والانكسار : «قَالُوا نَعَم» وفي هذه الأثناء : (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَينَهُمْ أَن لَّعنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ).
فيغدو هذا الحديث كالملح على جراحات أصحاب النّار فيلهب نفوسهم بمشاعل من النّار.
نعم إنَّهم كانوا قوماً يصدّون الناس عن سبيل الله (كما تصرح بذلك الآية اللاحقة) ولهذا فهم اليوم يُبعدون عن رحمة الله (لأنّ اللعنة تعني الطرد من الرحمة الإلهيّة).
ولكن من هو هذا المؤذّن الذي يمتلك هذه السيطرة على الجنّة والنّار فيسمع الكل نداءه ويتحدث عن الله؟ ورد في الكثير من الروايات المنقولة عن الشيعة والسُنّة أنّه أميرالمؤمنين عليهالسلام الذي كان يجاهد الظلمة طوال حياته.
والعجب أنّ بعض المتعصّبين حاول التقليل من أهمّية هذه الفضيلة ، فقال : «ولا يفهم من هذا العمل أنّه فضيلة لعلي عليهالسلام».
بينما تقضي البداهة بأنّ هذا المؤذّن المهيمن على الجنّة والنّار المبلغ نداء الله في ذلك اليوم ، ينبغي أن يكون له مقام سامٍ ورفيع.
والخلاصة هي أنّ الإنسان يتكون من جسم وروح ، والمعاد أيضاً يتحقق بهذين البُعدين وهذا مايستلزم الثنائية أيضاً في العقاب والثواب ، وبناءً على ماذكرنا فأهل النّار لا يتألّمون من العذاب الجسماني فقط ، بل يعانون كذلك من العذاب النفسي والروحي وهو أشد وطأة عليهم ، فهم يعيشون في ألم وهمّ وحزن غير متناهٍ ، وتلازمهم الفضيحة والندامة على ما مضى ، ولو قارنوا أنفسهم بأهل الجنّة لكانت المعاناة أشدّ ، لاسيّما بوجود الملائكة الغلاظ وما يواجهونه من أنواع الاستهانة والتوبيخ والاحتقار ، وهذه كلها من العوامل التي تؤذيهم نفسياً وتجعلهم يعيشون في عذاب مرير.
ومن المؤكد أنّ هذه العقوبات تنسجم مع عملهم في هذه الدنيا حين كانوا يعاملون