القرنين (حسب سياق ما قبلها من الآيات) ولكننا نستبعد هذا المعنى بقرينة الآيات التالية لها ، (تأمل).
على كل حال فإنّ الله تعالى يضيف في نهاية الآية : (وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً) وقال في الآية التي تليها : (يَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّورِ وَنَحْشُرُ الُمجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً).
«زرق» : جمع «ازرق» وفي الأصل بمعنى زرقاء اللون ، ومن الممكن أن يكون هذا اللون إشارة إلى أنّ الله سبحانه وتعالى يحشر المجرمين زرق الأبدان أو عمياً أو عطاشاً لشدّة العطش الذي تتعرض له أبدانهم.
إننا نرى أنّ المعنى الأول هو الأنسب وذلك لأنّه معنى حقيقي ، أمّا الثاني والثالث فله بعد كنائي (مجازي).
أمّا الآيتان التاسعة والعاشرة : فقد أشارتا أيضاً إلى النفخة الثانية أي نفخة الحياة والقيامة فقال تعالى : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً) وقال : (وَنُفِخَ فِى الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ).
إنّ الإتيان أفواجاً في ذلك اليوم قد يكون لورود كل امة مع إمامها إلى المحشر (الأنبياء وغيرهم) أو أنّ كل زمرة من المجرمين الذين اقترفوا ذنباً معيناً يحشرون معاً.
على أيّة حال فهذه الآية لا تتنافى مع قوله تعالى : (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقيمَةِ فَرْداً). (مريم / ٩٥)
وذلك ـ كما أشرنا سابقاً ـ أنّ هناك مواطن ومواقف مختلفة في يوم القيامة فمن الممكن أن يحشر الناس في البداية على شكل مجموعات ثم يحضرون في محكمة العدل الإلهي فرادى ، (فتأمل).
«الوعيد» : تستعمل هذه المفردة على قول الراغب الإصفهاني ومجموعة من المفسرين وأهل اللغة ، في الشرّ ، في حين كلمة «وعد» تستعمل في الخير والشر ، واستخدمت الآية الكريمة هذا اللفظ (الوعيد) لإنذار المجرمين من ذلك اليوم بالرغم من أنّ القيامة تشتمل على الوعد بالخير والوعيد بالشر.
الآيتان الحادية عشرة والثانية عشرة اللتان وردتا في سورة يس تنذران بوقوع صيحة