______________________________________________________
المشهور : « المغرور يرجع على من غره » (١). وما ورد في تدليس الزوجة ، من رجوع الزوج الى المدلس ، معللاً بقوله (ع) : « كما غر الرجل وخدعه » (٢). ومقتضى ذلك وإن كان عموم الحكم برجوع المغرور إلى الغار في جميع الموارد ، الا أنه ليس بناء الأصحاب على العمل بها كلية. ولذلك يشكل الأخذ بعموم دليلها ، كما أشرنا إلى ذلك في مبحث الفضولي من ( نهج الفقاهة ) ، تعليقتنا على مكاسب شيخنا الأعظم ( قده ).
لكن يخدش الوجه المذكور : أن الإيقاعات لا توجب تغريراً للغير ، فإنها إنشاءات بحتة ليس فيها حكاية ولا دلالة تصديقية ، ولا تتصف بصدق ولا كذب ، فاذا رجع الباذل عن بذله لم ينكشف من الرجوع خلاف ما دل عليه إنشاء الوعد. نعم إذا ظهر من قوله أو فعله أنه لا يخلف في وعده ولا يرجع عنه كان ذلك تغريراً للمبذول له وإيقاعاً له في الغرور فالتغرير إنما يكون بذلك القول أو الفعل لا بنفس الوعد. وعليه إذا بني على عموم القاعدة ، ولزوم العمل بها فاللازم التفصيل بين أن يكون اعتماد المبذول له على مجرد الوعد ، وبين أن يكون اعتماده على قوله أو فعله الدال على بقائه على وعده. ففي الأول لا مجال لرجوعه عليه. وفي الثاني يرجع عليه ، لحصول التغرير منه في الثاني دون الأول. وأما العمل بعموم القاعدة حتى في المقام فلا بأس به ، لعموم دليلها.
نعم قد يشكل صدق التغرير إذا لم يكن الغار قاصداً للايهام. بل الظاهر اختصاص الخديعة بذلك ، ففي هذه الصورة يضمن الغار ، ولا يبعد أن يكون بناء العقلاء والمتشرعة على الضمان ومؤاخذتهم الغار بتغريره.
__________________
(١) هذا الحديث وإن وجد في بعض الكتب الفقهية الا انه لم نعثر عليه بعد الفحص في كتب الحديث للعامة والخاصة وبعد الاستعانة ببعض الفهارس المعدة لضبط السنة النبوية.
(٢) الوسائل باب : ٧ من أبواب العيوب والتدليس في النكاح حديث : ١.