مستحباً ـ بناء على شرعية عباداته ـ فبلغ في أثناء الوقت ، فان
______________________________________________________
ولا مجال لمقايسة المقام بصلاة الصبي قبل البلوغ ، إذ أدلة التشريع الأولية تقتضي كون موضوع الحكم في الصبي والبالغ واحدا ، لإطلاق الأدلة الشامل للصبي كالبالغ ، نظير إطلاقها الشامل للعادل والفاسق ، والشيخ والكهل ، ونحو ذلك. فاذا كان موضوع الخطاب والحكم في الجميع واحداً كانت الماهية واحدة لا متعددة ، فإذا جاء به الصبي قبل البلوغ فلو وجب ثانياً بعد البلوغ كان إما من الأمر بتحصيل الحاصل ، أو من الأمر بالوجود بعد الوجود. والأول محال ـ كما عرفت ـ والثاني خلاف ظاهر الأدلة ، فلا يجب.
وليس دليل نفي الوجوب عن الصبي من قبيل : « إذا بلغت فصل » كي يكون نظير المقام ، فيجب البناء فيه على وجوب الصلاة بعد البلوغ. بل ليس هو إلا حديث رفع القلم عن الصبي (١) ، وهو لا يقتضي الاثنينية ولا يدل عليها. بل إنما يقتضي مجرد نفي اللزوم عن الصبي. لأن الظاهر من رفع القلم عنه رفع قلم السيئات ، وارتفاع ذلك يقتضي عدم اللزوم لا غير ، لأنه به يكون الترك سيئة. ولما لم يقتض الحديث المذكور الاثنينية لم يكن معارضاً لما دل على الوحدة ، فيتعين العمل به. ومقتضاه إجزاء الفعل قبل البلوغ ، وعدم الحاجة الى فعله ثانياً بعد البلوغ ، بل عدم مشروعيته لما عرفت من الاشكال. نعم لا بأس بالإتيان به برجاء المطلوبية ، إذ ما ذكرنا إنما يكون دليلاً على عدم مشروعيته ثانياً ، لا أنه يوجب العلم بعدمها. ولما كان احتمال المشروعية موجوداً كان كافياً في جواز الإتيان به برجاء المطلوبية. ومن ذلك تعرف أنه يتعين البناء في المقام على تعدد ماهية الحج قبل الاستطاعة والحج بعدها. فلاحظ.
__________________
(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ١١.