القضاء هو : «وأن محمدا يرجع عنهم عامهم هذا ، وأصحابه ، ثم يدخل علينا في العام القابل مكة ، فيقيم فيها ثلاثة أيام» وكذلك في سائر مصادر السيرة والتاريخ.
ولذا فهنا قال : إنّ قريشا كانت قد وضعت أصنامها بين الصفا والمروة ، وكانوا يتمسّحون بها إذا سعوا. فلما كان من أمر رسول الله ما كان في الحديبية وصدّوه عن البيت وشرطوا له أن يخلوا له البيت في عام قابل حتى يقضي عمرته ثلاثة أيام ثم يخرج عنها. فلما كان عمرة القضاء في سنة سبع من الهجرة دخل مكة وقال لقريش : ارفعوا أصنامكم من بين الصفا والمروة حتى أسعى. فرفعوها ، فسعى رسول الله بين الصفا والمروة وقد رفعت الأصنام (١).
هذا وقد مرّ أن رسول الله أرسل إليهم أن يدخل الكعبة فأبوا وقالوا : لم يكن فى شرطك (٢) وهذا هو المنسجم مع أخلاق مشركي قريش ، فكيف بما هو فوقه من رفع الأصنام بلا شرط في الصلح سابق؟!
وتمام كلام القمي : فلما فرغ رسول الله من الطواف ردّت قريش الأصنام بين الصفا والمروة .. وبقي رجل من المسلمين من أصحاب رسول الله لم يطف .. فجاء الرجل الذي لم يسع إلى رسول الله فقال : قد ردّت قريش الأصنام بين الصفا والمروة ولم أسع؟! فأنزل الله عزوجل : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما ..)(٣).
وفي «فروع الكافي» و «تفسير العياشي» عن الصادق عليهالسلام قال : «إنّ رسول الله كان (من) شرطه عليهم : أن يرفعوا الأصنام .. فتشاغل رجل من أصحابه حتى
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٦٤.
(٢) مغازي الواقدي ٢ : ٧٣٨.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٦٤.