اعيدت الأصنام ، فجاؤوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فسألوه : إنّ فلانا لم يطف (أي لم يسع) وقد اعيدت الأصنام؟ فأنزل الله : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما ..) قال : أي والأصنام عليها» (١).
ولعل هذا الخبر ومثله هو الذي أشار إليه الطوسي في «التبيان» وخصّ الأصنام فقال : هذا جواب لمن توهم أن في السعي بهما جناحا ، لصنمين كانا عليهما : إساف ونائلة. روي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام ، وقال به الشعبي وكثير من أهل العلم. ولكنه واصل قائلا : وكان ذلك في عمرة القضاء ولم يكن فتح مكة بعد ، وكانت الأصنام على حالها حول الكعبة.
فلو كانت الأصنام حول الكعبة أيضا في الطواف بها قبل السعي ، فما الذي خصّ توهّم الجناح في السعي دون الطواف بالكعبة من قبل؟! ولعله لدفع هذا أضاف :
وقال قوم : سبب ذلك : أنّ أهل الجاهلية كانوا يطوفون بينهما فظنّ المسلمون أنّ ذلك من أفعال الجاهلية ، فأنزل الله الآية (٢).
وقد ورد هذا في «فروع الكافي» في حديث حجّ النبيّ صلىاللهعليهوآله عن الصادق عليهالسلام قال : إنّ المسلمين كانوا يظنّون أنّ السعي بين الصفا والمروة شيء صنعه المشركون ، فأنزل الله : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ ...) فبعد ما طاف (النبي) بالبيت وصلى ركعتيه (قرأ) : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ ...) وقال : أبدأ بما بدأ الله عزوجل (٣).
__________________
(١) تفسير العياشي ١ : ٧٠ وفي فروع الكافي ٤ : ٤٣٥ ، الحديث ٨.
(٢) التبيان ٢ : ٤٤.
(٣) فروع الكافي ٤ : ٢٤٥ ، الحديث ٤.