وقد اعتمد الطبرسي في «مجمع البيان» على هذا الخبر ، ثم قال : ورويت رواية اخرى عن أبي عبد الله عليهالسلام ، فروى الخبر السابق عن «الكافي» و «تفسير العياشي» في شرط النبيّ ورفع الأصنام وإعادتها (١).
وفيه عنه عليهالسلام أيضا قال : كان على الصفا والمروة أصنام ، فلما أن حجّ الناس لم يدروا كيف يصنعون؟ فأنزل الله هذه الآية : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ ..) فكان المسلمون يسعون والأصنام على حالها (٢).
والتنافي بين الروايتين في شأن النزول ظاهر (٣) بل بين الروايات ، فلا بدّ من ترجيح. وقد مرّ أنّ النبيّ أمر بلالا فأذّن فوق ظهر الكعبة ، فهل أذّن بين ظهراني الأوثان؟ ولو كان لذكر لغرابته. ولو كانت الأصنام منصوبة على المروة وقد قدّموا هديهم عندها لكان غريبا يذكر ، وضبط الألفين من المسلمين وانضباطهم عن أن يمدّ أحدهم يده أو لسانه بالإهانة إلى الأوثان والأصنام في المسعى وحول البيت الحرام مستبعد جدّا أيضا ، ولا أقل من خوف المشركين من ذلك وقد شرطوا للنبيّ أن يخلوا له مكة الكعبة والمسجد والمسعى ، وهذا مما يقرّب قبولهم لاشتراط النبي عليهم رفع الأصنام ، أقرب من أن يبقوا في خوف وحذر من أن لا تمسّ أصنامهم بسوء بيد أو حتى لسان ولعلهم جمعوها داخل البيت ، ولذلك لم يسمحوا للنبيّ صلىاللهعليهوآله بدخول البيت. ومهما كان فلا أقل من محاولة النبيّ والمسلمين اشتراط رفعها عليهم ، بينما لم يذكر في سوى هذا الخبر عن الصادق عليهالسلام. فأظنّ أنّ هذه كلها مرجّحات إلى جانبه ، دون سائر الأخبار.
__________________
(١) مجمع البيان ١ : ٤٤٠.
(٢) تفسير العياشي ١ : ٧١.
(٣) وانظر الميزان ١ : ٣٨٧.