الشديد الثقيل على اليهود والمشركين ، وكان لخبره الأثر الكبير والعظيم في مكة ـ كما مر ـ مما جرّ عمرو بن العاص وخالد بن الوليد إلى الاستسلام للإسلام ، كما مرّ شطر من خبرهما ويأتي تمامه. وبالإفادة من جوّ الأمن والأمان المتحصّل بشروط صلح الحديبية دخل في الإسلام أكثر ممن دخل فيه إلى ما قبله ، حتى قضى النبيّ عمرته مع ألفين من المسلمين. هذا كله من ناحية ..
ومن ناحية اخرى : تزوّج النبيّ بصفية ، ثم وصلته هدايا المقوقس الاسكندري وفيها مارية القبطية أمّ ابراهيم ، وغنم غنائم خيبر وفدك ووادي القرى ، وتوقّع أزواجه صلىاللهعليهوآله أن يفتح أبواب الدنيا عليهنّ ، فاعتزلهن في مشربة أمّ ابراهيم شهرا ، ثم خيّرهن ـ بعد زواجه بميمونة الهلالية ـ فاخترنه ، فحرّم الله عليهن الزواج بعده ، فتجرّأ طلحة وتجاسر على ذلك بقول كان فيه نيل وأذى للنبيّ صلىاللهعليهوآله حسب الآية النازلة في ذلك .. من ناحية اخرى ..
يبدو لي أن هذه الامور هي السبب في تصعيد شأنه صلىاللهعليهوآله بما لم يسبق له نظير من قبله ، في قوله سبحانه ـ بعد تحريم أزواجه ـ : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً* إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً)(١).
ولا خلاف في أن الصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآله في الصلوات كانت واجبة مفروضة قبل نزول هذه الآية ، ولم تجب صلاة عليه خاصة بنزول هذه الآية ، إذن فليست الآية من آيات الأحكام التشريعية ، وعليه فليس الجديد في الآية تشريع الصلاة عليه ، وإنّما الجديد تنصيص القرآن على أنّ الصلاة عليه ليست من المؤمنين فقط ، بل من الله وملائكته من قبل. هذا في الصلاة عليه.
وأمّا قوله سبحانه : (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) فهل هو بمعنى السلام عليه؟ أي هو
__________________
(١) الأحزاب : ٥٦ ـ ٥٧.