تشريع تأسيسيّ لسلام خاصّ عليه؟ أم هو بمعنى التسليم لأمره؟ مناسبة ما قدّمنا الإشارة إليه وما تقدم في آيات السورة من الإشارة إليه ، ونهيها وتعظيمها لأذيّة الله في رسوله قبل هذه الآية في قوله : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ ...) وبعدها مباشرة بقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ ...) كل هذا لا يناسب الاوّل أي السلام عليه بمقدار ما يناسب الثاني أي التسليم لأمره ، كما سبق في الآية ٢٢ من السورة نفسها في قوله سبحانه : (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً) على غرار ما جاء سابقا في قوله سبحانه : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(١) ولم يرد في القرآن الكريم تسليم في غير هذه الآيات الثلاث ، كما لم يرد الترديد بين المعنيين للتسليم فيما سوى آية الصلوات.
روى البرقي في «المحاسن» بسنده عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله الصادق عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ ..) فقال :
الصلاة عليه ، والتسليم له في كل شيء جاء به (٢).
وروى فرات الكوفي في تفسيره بسنده عن أبي هاشم قال : كنت مع جعفر بن محمد عليهالسلام في المسجد الحرام فصعد الوالي المنبر يخطب يوم الجمعة فقرأ : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ ..) فقال جعفر عليهالسلام : يا أبا هاشم ، لقد قال ما لا يعرف تفسيره ، قال تعالى : (وَسَلِّمُوا) بالولاية لعلي (تَسْلِيماً)(٣).
__________________
(١) النساء : ٦٥.
(٢) المحاسن للبرقي ١ : ٤٢٢ ط المجمع العالمي لأهل البيت ، قم.
(٣) تفسير فرات الكوفي : ٣٤٢ ط طهران بتحقيق المحمودي.