ثم نزلنا (ظهر) الحرّة (ظهرا) فلبسنا من صالح ثيابنا ، ونودي بالحضر فانطلقنا جميعا (١) قال خالد : فلقيني أخي فقال : أسرع فان رسول الله قد اخبر بك فسرّ بقدومك ، وهو ينتظركم. فأسرعت المشي فطلعت عليه ، فما زال يتبسّم إليّ حتى وقفت عليه فسلّمت عليه بالنبوة ، فردّ عليّ السلام بوجه طلق ، فقلت : إنّي أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّك رسول الله. فقال : الحمد لله الذي هداك! قد كنت أرى لك عقلا رجوت أن لا يسلمك إلّا إلى الخير. فقلت : يا رسول الله ، قد رأيت ما كنت أشهد من تلك المواطن عليك معاندا عن الحق ، فادع الله أن يغفرها لي. فقال رسول الله : الإسلام يجبّ ما قبله. فقلت : يا رسول الله ، مع ذلك .. فقال : اللهم اغفر لخالد كلّ ما أوضع فيه من صدّ عن سبيلك (٢).
قال عمرو بن العاص : فتقدم خالد بن الوليد فبايع. ثم تقدم عثمان بن طلحة فبايع. ثم تقدّمت فلما جلست بين يديه ما استطعت أن أرفع طرفي إليه حياء منه! فبايعته على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي. فقال : إنّ الإسلام يجبّ ما قبله ، والهجرة تجبّ ما قبلها (٣) وكان قدومنا في صفر سنة ثمان (٤) لهلال صفر (٥).
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٧٤٤.
(٢) مغازي الواقدي ٢ : ٧٤٩.
(٣) مغازي الواقدي ٢ : ٧٤٥.
(٤) مغازي الواقدي ٢ : ٧٤٩.
(٥) مغازي الواقدي ٢ : ٧٤٥. وروى ابن اسحاق خبر إسلام خالد وعمرو بسنده عن عمرو باختصار في السيرة ٣ : ٢٨٩ ـ ٢٩١. ولقوله في أول الخبر : لما انصرفنا عن الخندق ، ذكره بعد الخندق ، بينما نصّ في آخر الخبر : وذلك قبيل الفتح! وذكر عن ابن الزّبعرى هجوا لخالد وعثمان بن طلحة ، ووصفه أنه كان سادن الكعبة وصاحب مفتاحها.