قال الواقدي : وأخذ اللواء زيد بن حارثة ، فقاتل معه جمع من الناس والمسلمون على صفوفهم ، حتى قتل زيد بن حارثة ، وما قتل إلّا طعنا بالرمح (١).
وروى ابن اسحاق عن من حضر الغزوة قال : وأخذ الراية عبد الله بن رواحة ، وكأنه تردّد بعض التردّد ثم قال يستنزل نفسه :
أقسمت يا نفس لتنزلنّه |
|
لتنزلنّ أو لتكرهنّه |
إن أجلب الناس وشدّوا الرّنه |
|
ما لي أراك تكرهين الجنّه |
قد طال ما قد كنت مطمئنّه |
|
هل أنت إلا نطفة في شنّه (٢) |
وقال أيضا :
يا نفس إن لم تقتلي تموتي |
|
هذا حمام الموت قد صليت |
وما تمنّيت فقد اعطيت |
|
إن تفعلي فعلهما هديت |
ثم سمع صراخ الحرب في ناحية من العسكر ، فنزل عن فرسه ، ثم تقدم نحوهم ، فقاتل حتى قتل (٣).
فروى الواقدي قال : لما قتل ابن رواحة انهزم المسلمون في كل وجه أسوأ هزيمة؟ وبادر رجل من الأنصار يقال له : ثابت بن اقرم إلى اللواء فأخذه وجعل يصيح بالأنصار : إليّ أيها الناس! فجعل قليل منهم يثوبون إليه ويجتمعون ، فنظر
__________________
ـ جراحة. وفي اخرى : وجد فيه أكثر من ستين جرحا. وفي اخرى : وجد فيما بين منكبيه اثنان وسبعون ضربة بسيف أو طعنة برمح. ومنها طعنة قد نفذت فيه. مغازي الواقدي ٢ : ٧٦١.
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٧٦١.
(٢) الشنّة : القربة القديمة البالية ، ويقصد بالنطفة الماء ، يشبّه نفسه بماء في قربة بالية يوشك أن تنخرق فيراق ماؤها.
(٣) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٢١.