كلهم؟! فقال رسول الله : يا أمّ سلمة ، إنّ أخاك كذّبني تكذيبا لم يكذّبني أحد من الناس ، هو الذي قال لي : «لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل فتفجّر الأنهار خلالها تفجيرا ، أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا ، أو تأتي بالله والملائكة قبيلا ، أو يكون لك بيت من زخرف ، أو ترقى في السماء ، ولن نؤمن لرقيّك حتى تنزّل علينا كتابا نقرؤه». فقالت أمّ سلمة : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، ألم تقل : إن الإسلام يجبّ ما قبله؟ قال : نعم ، ثم قبل إسلامه (١).
ولم أر من يذكر دافعا لاقتراب هذا ـ القريب البعيد عن النّبي والإسلام ـ إلى الإسلام والنبيّ صلىاللهعليهوآله في خصوص هذه الأيام قبيل فتح مكة ، وأنا لا أستبعد أن يكون ما دفعه لذلك هو ما دفع ابن خاله ـ وابن عمّ النبيّ ـ ابا سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب اخا عبيدة بن الحارث الشهيد ببدر ، وهو ترب النبيّ وأخوه في الرضاعة من حليمة السعدية ، وكان أليف النبيّ قبل بعثته.
قال الواقدي : فلما بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله عاداه عداوة لم يعاده بها أحد قط ، ولم يدخل معهم في الشعب ، بل هجا النبيّ ، وهجا حسّان ومنه قوله :
ألا مبلغ حسّان عنّي رسالة |
|
فخلتك من شرّ الرجال الصعالك |
ابوك أبو سوء وخالك مثله |
|
فلست بخير من أبيك وخالك (٢) |
وطالت عداوته عشرين سنة يهجو المسلمين ويهجونه ، ولا يتخلّف عن قتال قريش لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، فكان قد أهدر دمه!
فروى الواقدي بسنده عنه قال : قلت في نفسي : من أصحب؟ ومع من
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٢٦ ، ٢٧.
(٢) مغازي الواقدي ٢ : ٨٠٦.