أكون؟ وقد ضرب الإسلام بجرانه (بزمامه ـ استقرّ) فهربت ، وقدمت على قيصر ملك الروم (؟!) فقال لي : ممّن أنت؟ فانتسبت له : أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب. فقال قيصر : ومحمد بن عبد الله بن عبد المطّلب ، فان كنت صادقا فأنت ابن عمّ محمد! فقلت : نعم ، أنا ابن عمّه! ثم قلت في نفسي : لا أرى نفسي لا اعرف عند ملك الروم إلّا بمحمد! وقد هربت من الإسلام. فيومئذ عرفت أن ما كنت فيه من الشرك باطل! ودخلني الإسلام (١) فانصرفت راجعا إلى مكة.
هذا ، وابنه جعفر كان قد أسلم وهجر أباه وهاجر من مكة إلى مدينة النبي صلىاللهعليهوآله هذا والنبيّ قد أهدر دم أبيه! وأنا لا أستبعد أن يكون هو أسرّ إلى أبيه بخبر مسير النبيّ وأوعز إليه أن يستبقه فيستقبله بالإسلام ، كما سنراه إلى جانب أبيه شفيعا له لقبول الرسول بإسلامه ، ولا أستبعد أن يكون الخبر قد سرى من أبيه أبي سفيان إلى ابن اخته عبد الله المخزوميّ ، فخرجا.
روى الواقدي عن أبي سفيان قال : جئت إلى أهلي فقلت لهم : تهيّئوا للخروج ، فلقد أظلّ قدوم محمد إليكم! فقالوا له : قد آن لك أن تبصر أن العرب والعجم قد تبعت محمدا (!) وأنت موضع في عداوته! وكنت أولى الناس بنصره! قال : ثم سرنا ، فما نزلنا الأبواء إلا ومقدّمته قد نزلت الأبواء ، وكان النبيّ قد أهدر دمي ، فخفت أن اقتل ، فتنكّرت.
وفي صباح الغداة صبّح رسول الله بالأبواء ، وأقبل معه الناس فرقة فرقة ، فتنحّيت خوفا من أصحابه. فلما طلع مركبه تصدّيت له تلقاء وجهه ، فملأ عينيه مني ثم أعرض بوجهه عنّي! فتحوّلت إلى وجهه فأعرض عني! وهكذا مرارا! ورأى المسلمون إعراض رسول الله عنّي ، فأغرى عمر بن الخطاب بي رجلا من الأنصار
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٨١١ ، ٨١٢.