فقال المنذر : قد نظرت في هذا الذي في يدي فوجدته للدنيا دون الآخرة ، ونظرت في دينكم فرأيته للآخرة والدنيا ، فما يمنعني من قبول دين فيه امنية الحياة وراحة الموت. ولقد عجبت أمس ممن يقبله ، وعجبت اليوم ممن يردّه (١). فأسلم.
ثم قرأ كتابه على أهل هجر والبحرين فأسلم جمع من العرب والعجم. فكتب المنذر إليه صلىاللهعليهوآله : «أما بعد ، يا رسول الله ، فانّي قرأت كتابك على أهل البحرين ، فمنهم من أحب الاسلام وأعجبه فدخل فيه ، ومنهم من كرهه فلم يدخل فيه ، وبأرضي يهود ومجوس ، فأحدث إليّ أمرك في ذلك» (٢).
__________________
(١) السيرة الحلبية ٣ : ٢٨٤.
(٢) الطبقات الكبرى ١ (القسم الثاني) : ١٩ وفي الكتب والرسائل المروية المتبادلة بين المنذر والنبيّ صلىاللهعليهوآله مما يصلح جوابا لهذا الكتاب من المنذر ما رواه البلاذري والطبري وقبلهما أبو عبيد في الأموال وأبو يوسف في الخراج ، ونصّه في البلاذري : «من محمد النبيّ الى منذر بن ساوى سلام عليك ، فاني أحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو ، أما بعد فإنّ كتابك جاءني وسمعت ما فيه. فمن صلّى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا ، فذلك المسلم ، ومن أبى فعليه الجزية» راجع مكاتيب الرسول ٢ : ٦٥٨ و ٦٦٠ ولم يذكر للكتاب تاريخ ولعله بعد فرض الجزية في التاسعة.
أما سيبخت الفارسي مرزبان هجر فقد ذكر البلاذري في فتوح البلدان : ١٠٧ : أنّه اسلم بكتاب النبي صلىاللهعليهوآله إليه مع العلاء الحضرمي ، بينما روى الصدوق في «التوحيد» : أنّه قدم الى المدينة وتكلّم مع النبيّ صلىاللهعليهوآله وطلب منه المعجزة البيّنة ثم أسلم.
عن علي عليهالسلام : جاءه سيبخت من ملوك فارس وكان رجلا ذربا فقال له : يا محمد ، الى ما تدعو؟ فقال : الى شهادة أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمدا عبده ورسوله ، فقال سيبخت : يا محمد ، وأين الله؟ قال : هو موجود في كل مكان بآياته. وقال : فكيف هو؟ فقال : لا كيف له ولا أين ، لأنّه عزوجل كيّف الكيف وأيّن الأين. قال : فمن أين جاء؟ قال : لا