فجاءه اسماء بن حارثة فقال : يا رسول الله ، ان اسلم تقول : انا قد جهدنا من الجوع والضعف فادع الله لنا. فدعا لهم رسول الله فقال : اللهم افتح عليهم اعظم حصن فيه اكثره طعاما وودكا (لحما) ودفع اللواء الى الحباب بن المنذر بن الجموح.
وندب رسول الله الناس معه فنهضوا ... وانتهوا الى حصن الصعب بن معاذ وان عليه لخمسمائة مقاتل ، وكان حصن اليهود فيه الطعام والودك والماشية والمتاع.
وبرز من الحصن رجل يقال له يوشع ، يدعو إلى البراز ، فبرز إليه الحباب بن المنذر فاختلفا ضربات فقتله الحباب. وبرز آخر يقال له الزيّال ، فبرز له عمارة بن عقبة الغفاري ، فبدره الغفاري فضربه ضربة على هامته وهو يقول : خذها وأنا الغلام الغفاري! فقال الناس : بطل جهاده! فبلغ ذلك رسول الله فقال : ما به بأس ، بل يؤجر ويحمد (١).
وروى عن سلمة بن سنان الاكوع قال : غدا (عمي) عامر بن سنان (الاكوع) فلقي رجلا من اليهود فبدره اليهودي وضربه ، فاتقاه عامر بدرقته فنبا سيف اليهودي عنه ، وضرب عامر رجل اليهودي فقطعها ورجع السيف عليه فأصابه ذبابة ، فنزف حتى مات. فقال اسيد بن حضير : حبط عمله! فبلغ ذلك رسول الله فقال : كذب من قال ذلك! إنّ له لاجرين : انه جاهد مجاهد ، وانه ليعوم في الجنة عوم الدعموص (٢).
قال : وكان قد حمل الى الرجيع فقبر مع محمود بن مسلمة في غار (٣).
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٦٥٨ ـ ٦٦٠.
(٢) مغازي الواقدي ٢ : ٦٦١ ، ٦٦٢. والدعموص : الدخّال في الأمور ، أي انه سياح في الجنة دخّال في منازلها لا يمنع من موضع ، راجع النهاية ٢ : ١٢٠.
(٣) مغازي الواقدي ٢ : ٦٥٨. وروى مقتله ابن اسحاق في السيرة ٣ : ٣٤٣. قال : بلغني أن سيفه رجع عليه وهو يقاتل فكلمه كلما شديدا فمات منه ، فشك المسلمون فيه وقالوا :