المستهزئين بالنبيّ صلىاللهعليهوآله فأمر بضرب عنقه صبرا ، فقال : يا محمّد ، فمن للصبيّة؟ قال : النار! ثمّ لم نجد فيما بأيدينا متى وأنّى التحق ابنه الوليد بالدين الجديد؟ إلّا أنّا نراه فيمن بعثه صلىاللهعليهوآله في أوائل السنة التاسعة لجباية الزكاة من بني المصطلق من خزاعة (١). ونعلم أنّ خزاعة كانوا حلفاء بني هاشم منذ الجاهليّة ، وصديق عدوّك عدوّك ، فهم في التصنيف أعداء بني اميّة ، ولا نعلم أكثر من هذا.
وفي «تفسير فرات الكوفي» بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري : أنّه صلىاللهعليهوآله بعثه إلى بني وليعة ، وكانت بينه وبينهم شحناء في الجاهليّة. فلمّا بلغ إليهم استقبلوه ليروا ما عنده ، فخشيهم ، فرجع إليه صلىاللهعليهوآله وقال له : إنّ بني وليعة منعوني الصدقة وأرادوا قتلي! وبلغ إليهم الذي قاله فيهم عند رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأتوه وقالوا له : يا رسول الله ، لقد كذب الوليد ، ولكن كان بيننا وبينه شحناء في الجاهليّة فخشينا أن يعاقبنا بالذي بيننا وبينه. فقال صلىاللهعليهوآله : لتنتهنّ يا بني وليعة أو لأبعثنّ إليكم رجلا عندي كنفسي ، يقتل مقاتليكم ويسبي ذراريكم (وأشار بيده وقال) هو هذا حيث ترون. وضرب بيده على كتف عليّ عليهالسلام.
وأنزل الله في الوليد آية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(٢).
__________________
(١) ابن إسحاق في السيرة ٣ : ٣٠٨ و ٣٠٩ ، ومغازي الواقدي ٢ : ٩٨٠ ، والتبيان ٩ : ٣٤٣ ، وعنه في مجمع البيان ٩ : ١٩٨ عن قتادة ومجاهد ومقاتل عن ابن عبّاس.
(٢) تفسير فرات الكوفي : ٤٢٦ ، ٤٢٧ ، الحديث ٥٦٣ ، وبهامشه عن الطبراني وابن مردويه. والآيات من الحجرات : ٦ ـ ٨.